Тасаввуф: Духовная революция в Исламе
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Жанры
والذين في قلوبهم مرض ،
9
ويقول:
أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ،
10
وهكذا وهكذا.
ولكن القلب لا يصبح محلا للإدراك الذوقي والمعرفة اليقينية، ولا مركزا للمحبة الإلهية، إلا إذ صفت صفحته وانجلت غشاوته، وارتفعت عنه حجب الشهوة والهوى، وتخلص من تأثير العقل، ولذا نرى قلوب السالكين إلى الله مسرحا لنضال عنيف بين جند الرحمن وجند الشيطان على حد قول الغزالي، يطلب كل الظفر بالقلب لنفسه. فإذا كانت الغلبة لجند الشيطان، انحط الإنسان إلى مرتبة البهائم، وإذا كانت لجند الرحمن، ارتفع إلى مرتبة الملائكة، وللقلب بابان تدخل من أحدهما المعرفة ومن الآخر الوهم، وتدخل المحبة الإلهية من الأول ويدخل الاشتغال بما سوى الله من الثاني. هذا عالم وذلك عالم آخر، والصوفي الصادق هو الذي يتخذ مكانه في البرزخ بين العالمين، كما يقول جلال الدين الرومي.
وكما فرق الصوفية بين القلب والعقل من حيث هما أداتان للإدراك، ميزوا كذلك بين نوعي الإدراك الحاصلين منهما، واختصوا كلا منهما باسم، فسموا إدراك العقل «علما» وإدراك القلب «معرفة» وذوقا، وسموا صاحب النوع الأول «عالما» وصاحب النوع الثاني «عارفا»، والفرق الجوهري بين المعرفة والعلم أن المعرفة إدراك مباشر للشيء المعروف، والعلم إدراك حقيقة من الحقائق عن الموضوع المعلوم، والمعرفة «حال» من أحوال النفس يتحد فيها الذات المدركة والموضوع المدرك، والعلم حال من أحوال العقل يدرك فيها العقل نسبة بين مدركين سلبا أو إيجابا، أو يدرك مجموعة متصلة من هذه النسب، والمعرفة «تجربة» تعانيها النفس، والعلم حكم ينطق به العقل.
وضع الصوفية هذه التفرقة بين المعرفة والعلم منذ تكلموا عن المعرفة، وعن معرفة الله بوجه خاص، وكان للتمييز بينهما أثر عميق في موقفهم من الله ومحبته والاتصال به وغير ذلك مما لا مجال للعقل فيه كما قلنا. بل إنه جاء دور من أدوار التصوف كانت «المعرفة» فيه هدفا من أهداف الطريق الصوفي، أو الهدف الأكبر فيه، واعتبر كل ما عداها وسيلة لها، وإذا قيل إن الحياة الصوفية تهدف إلى الاتصال بالله، فليس لهذا الاتصال من معنى عند جمهور الصوفية سوى معرفة الله عن طريق حبه، أو حب الله عن طريق معرفته، والله عند الصوفية حقيقة تعرف، بل هو الحقيقة على الإطلاق، وكل ما يدرك من الحق يشير إليه.
وللغزالي وأمثاله لغة أخرى يعبرون بها عن المعرفة الصوفية الذوقية، فالمعارف الذوقية في نظر الغزالي من العلوم الإلهامية، التي تنكشف في القلب انكشافا أو تلقى فيه إلقاء بدون تعمل أو جهد أو اختيار، ولا فرق بينها وبين الوحي إلا أن صاحبها لا يدري كيف ألقيت في قلبه ولا من ألقاها، أما الموحى إليه فيدري الواسطة الملقية إليه وهي الملك، وقد اختص بالنوع الأول الأولياء والأصفياء وبالنوع الثاني الأنبياء، ولكن النوعين من معدن واحد هو العلم اللدني الذي لا دخل لكسب الإنسان فيه. أما ما عدا ذلك فهو العلوم التعليمية التي هي من عمل العقل وكسبه.
Неизвестная страница