Тасаввуф: Духовная революция в Исламе
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
Жанры
يريد بذلك أن ذكر الله الذكر الحقيقي يكشف عن حقيقة الصلة بين الذاكر والمذكور، ويبين قدر الإنسان الذي اختص من بين سائر الكائنات بمجالسة الله، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر، ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.»
16
وأخيرا يعتبر ابن عربي المحبة الإلهية سبب الخلق والعامل الأول في وجوده، وهو يعني بالخلق ظهور الحق في أعيان الموجودات، لا إيجاد الموجودات من عدم. ذلك أن الحق في أزليته أحب أن يعرف، ولا سبيل إلى معرفته إلا بإظهار كمالاته في صفحة الوجود؛ من أجل ذلك خلق الله الخلق؛ أي تجلى في صور الخلق، وكان حنينه إلى الظهور على مسرح الوجود الخارجي علة خلقه للعالم، وإلى هذا يشير الحديث القدسي الذي يقول الله فيه: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبه (وفي رواية فبي) عرفوني.»
ولكن الحق الذي حن إلى الظهور في صور أعيان الممكنات، يحن دائما إلى عودة تلك الصور إليه، وهذا هو عين حنين الخلق إلى الحق؛ لأن المشتاق عين المشتاق إليه في الحقيقة وإن كان غيره في الظاهر.
فالحب إذن علة ظهور الصور وعلة اختفائها، علة وجودها وعلة عدمها، وهو حال موجودة على الدوام، متبادلة بين الحق والخلق؛ لأن الحق دائم الظهور في صور الخلق يدفعه إلى ذلك الحب الكامن فيه نحو الظهور، والخلق دائم الفناء في الحق يدفعه إلى ذلك الحب الكامن فيه نحو التحلل من الصور والرجوع إلى الأصل. هذه دائرة الوجود، أولها حب وافتراق، وآخرها حب وتلاق، ومحور الدائرة هو الحق، ومحيطها ما لا يحصى عده من مجالي الوجود. الكل يخرج من المركز والكل يعود إليه.
17
المحبة الإلهية والأخلاق الصوفية
ما من خلق يتحلى به الصوفي وينادي به إلا ويمت بصلة إلى ذلك الأصل الأول الذي هو المحبة الإلهية: وذلك أن جوهر المحبة الإيثار، إيثار المحبوب على كل ما عداه ومن عداه، وفي إيثار الصوفي لله تتركز صفاته الأخلاقية كلها. يقول الغزالي:
المحبة هي الغاية القصوى من المقامات والذروة العليا من الدرجات، فما بعد المحبة مقام إلا وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها، كالشوق والأنس والرضا وأخواتها، ولا قبل المحبة مقام إلا وهو مقدمة من مقدماتها كالتوبة والصبر والزهد وغيرها.
1
Неизвестная страница