المسائل الاعتقادية كلها مما صرح به الشارع أو أشار إليه، لكن بعضها يستقل فيه العقل وهو ثبوت الصانع بصفاته بالنظر إلى المصنوعات، وثبوت نبوة النبي بالنظر إلى المعجزة، فمراده من علم الكلام هو هذا الباب فقط، ولما أرشد إليه العقل لا يعد مستفادًا من الشارع وإن نطق به الشارع كما عرفت في المعنى الأول.
الفصل "الرابع": (اشتراك أسماء العلوم بين المعاني الثلاثة)
اعلم أن أسماء العلوم كالنحو والصرف والمعاني والفقه وغيرها مشتركة بين المعاني الثلاثة، وهي المسائل وإدراكاتها والملكة الحاصلة من تكرر تلك الإدراكات. وتلك الملكة هي القدرة على استحضار كل مسألة كلية من مسائل العلوم متى يرد عليك جزئي من حزئيات موضوع تلك المسألة. وفائدة ذلك الاستحضار استنباط حال ذلك الجزئي من ذلك الكلي، فإن يرد عليه زيد في "ضرب زيد"، فتستحضر كل فاعل مرفوع فتفكر في نفسك أن زيدًا هنا فاعل وكل فاعل مرفوع فتعرف أن زيدا مرفوع وتسمى هذه الملكة ملكة الاستحضار، ثم إنه بتكرر تلك الاستنباطات تحصل ملكة الاستنباط، وهي القدرة على استنباط أحكام الجزئيات من المسائل الكلية كما عرفت مثاله.
والملكة الثانية هي ملكة المطالعة، فلابد لحصول ملكة المطالعة من معرفة القواعد الكلية ثم من تكرر معرفتها، - أعني تكرر تذكرها-، ثم
1 / 88