بسراة فبات بها، ثم ارتحل وسار، فلما انتصف النهار واشتد الحر، وكان ذلك في القيض، تراءت لهم الخيل.
فقال الحسين لزهير بن القين: أما هاهنا مكان نلجأ إليه أو شرف نجعله خلف ظهورنا، ونستقبل القوم من وجه واحد؟
قال له زهير: بلي، هذا جبل ذي جشم (1) يسرة عنك، فمل بنا إليه، فإن سبقت إليه فهو كما تحب.
فسار حتى سبق إليه وجعل ذلك الجبل وراء ظهره، وأقبلت الخيل وكانوا ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي ثم اليربوعي، حتى إذا دنوا أمر الحسين- (عليه السلام)- فتيانه أن يستقبلوهم بالماء، فشربوا وتغمرت خيلهم، ثم جلسوا جميعا في ظل خيولهم واغتها في أيديهم حتى إذا حضر الظهر قال الحسين- (عليه السلام)- للحر: أتصلي معنا، أو تصلي بأصحابك وأصلي بأصحابي؟
قال الحر: بل نصلي جميعا بصلاتك ، فتقدم الحسين- (عليه السلام)- فصلى بهم جميعا.
فلما انفتل من صلاته حول وجهه إلى القوم، ثم قال:
أيها الناس! معذرة إلى الله ثم إليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم، فإن أعطيتموني ما أطمئن به من عهودكم ومواثيقكم دخلنا معكم مصركم، وإن تكن الأخرى انصرفت من حيث جئت.
فاسكت القوم، فلم يردوا عليه شيئا! حتى إذا جاء وقت العصر نادى مؤذن الحسين، ثم أقام وتقدم الحسين فصلى بالفريقين، ثم انفتل إليهم، فأعاد مثل القول الأول.
فقال الحر بن يزيد: والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر (2)!
فقال الحسين- (عليه السلام)-: ايتني بالخرجين اللذين فيها كتبهم [71- ب] فاتي بخرجين مملوءين كتبا، فنشرت بين يدي الحر وأصحابه.
Страница 143