Перевод в арабском мире: реальность и вызовы
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
Жанры
وإذ تقف البشرية المتقدمة والناهضة على أعتاب عصر الثورة المعرفية، فإنها بصدد تشكل ما يمكن أن نسميه بعدا كوكبيا إضافيا للذاتية المحلية؛ أي ذاتية كوكبية مضافة، تتحدد معالمها ومكوناتها أكثر فأكثر، وتتفاعل مع ما هو محلي من خلال الاتصال عبر اللغات والثقافات، والتفاعلات في مجالات العلم والتقانة والاقتصاد والفكر. قد تكون الذاتية المضافة تهجينا وثمرة تفاعل يفضي إلى ظهور أنماط جديدة من الأفكار، وقد تكون هيمنة تصل إلى حد الطمس لثقافات اجتماعية جفت ينابيعها، أو جهود أصحابها عن العطاء، وهكذا تفرض الذاتية الكوكبية أبعادا وأطرا جديدة للصراع الأبدي بين المجتمعات على الأصعدة الثقافية والاقتصادية. وتدور هذه الأبعاد الآن حول محور المعرفة، أو الكثافة المعرفية إبداعا واستثمارا وفائضا.
يعيش العالم اليوم صراعا محموما تقوده تقانة الاتصالات والمعلومات من أجل سرعة إنتاج واستثمار المعلومات والسيطرة عليها، باعتبار المعلومة مادة وهدفا استراتيجيا شأن الطاقة. ويتجلى الصراع في جهود البحث العلمي والتطوير، والذي يعني كما تشير مقدمة الكتاب السنوي لليونسكو: «الأنشطة المنهجية والإبداعية التي تمارس بغية زيادة رصيد المعارف، بما في ذلك المعارف الخاصة بالإنسان والتقانة والمجتمع، واستخدام رصيد المعارف هذا لابتكار تطبيقات جديدة. ويشمل نطاق البحث العلمي والتطوير التجريبي البحوث الأساسية (أي الأنشطة النظرية والتجريبية التي تجرى بدون هدف تطبيق عملي مباشر). كما يشمل البحوث التطبيقية في مجالات كالزراعة والطب والكيمياء والصناعة ... إلخ (أي الموجهة أساسا نحو هدف عملي محدد)، وكذا أنشطة التطوير التي تؤدي إلى استحداث أنظمة وطرائق ومنتجات جديدة.»
وينفق العالم سنويا على البحث والتطوير أكثر من 500 مليار دولار، ويعمل في هذا المجال 4,3 مليون باحث. وتخصص البلدان الصناعية حوالي 3٪ من إجمالي الناتج الوطني للبحث والتطوير، وينتج هذا رصيدا متزايدا من المعرفة العلمية، ويمثل هذا الجهد مجال المشاركة الكوكبية في المعرفة. وتطمح كل البلدان المتقدمة والناهضة إلى استيعاب هذا الكم المتزايد من المعلومات من مصادر المنشأ عن لغته الأصلية. وتمثل اللغة الإنجليزية قرابة 85٪ من جملة هذا الرصيد العلمي التقاني. وهنا تبدو الترجمة بالنسبة للمجتمعات العربية تحديا ثقيل الوطأة، ومطلبا حيويا يستلزم تنظيم وتخطيط الجهود على الصعيد العربي كله، في إطار استراتيجية عربية متكاملة وطموحة، تشمل التعليم والإدارة والاقتصاد ... إلخ، وإعادة هيكلة اجتماعية. وسوف يبين خطر هذه المهمة حين نعرض إحصاءات الترجمة العلمية وجهود البحث العلمي العربي.
وتبدي الدول المتقدمة والناهضة اهتماما كبيرا بنقل المعرفة وبالترجمة من شتى مصادرها، ولا تقتصر الجهود على الجديد والحديث من المعارف، بل وأيضا القديم والتراثي؛ ليكون البلد المعني موسوعة ومرجعا كبنك معلومات ومصطلحات. وهذا ما تفعله الولايات المتحدة تحديدا. وظهرت شركات تخصصت في الترجمة، علاوة على جهود المؤسسات الرسمية؛ مثال ذلك: شركة بريطانية تحمل اسم
Wordbank ، ويعمل لديها وحدها 550 مترجما محترفا. وتقدر مجلة نيوزويك كلفة الترجمة عام 1989م بمبلغ 20 مليار دولار. ويصدر العالم سنويا أكثر من مائة ألف عنوان مترجم. وجاوزت جملة الإصدارات تأليفا وترجمة 830000 عنوان سنويا.
وجدير بالذكر أن اليابان مع مطلع نهضتها في عصر «الميجي»، حرصت على نقل جميع المعارف العلمية والثقافية إلى اليابانية، علاوة على إيفاد البعوث من الطلاب النابهين؛ لتحصيل علوم الغرب المتقدم والعودة إلى اليابان، حيث المجتمع يعيش نهضة حقيقية تمثل للخريجين مجالا حيويا لتوظيف واستثمار معارفهم. قررت اليابان آنذاك أن العلم أداتها للنهوض، شريطة أن تمتلك ناصيته بحثا وتجريبا. ولذلك عنيت بتعليم اللغات الغربية، وتهيئة مناخ تنمية الإبداع من خلال التنشئة الاجتماعية في البيت والمدرسة والمجتمع. واقترنت جهودها بنهضة تعليمية ودستورية شاملة لصناعة عقل جديد. وأصابت اليابان آنذاك - ولا تزال - حمى التهام علوم وثقافة الغرب. لم يكن منطقها محاكاة الحداثة الغربية، بل استيعاب علوم الغرب من موقع المنافسة والندية لتحديث اليابان. وأقيمت في بداية عصر «الميجي» المؤسسة الهولندية التي اضطلعت بأعباء إنشاء حركة ترجمة واسعة النطاق، وعقدت اليابان اتفاقات مع كبرى دور النشر العالمية لإصدار طبعة باللغة اليابانية من إصداراتها العلمية حال صدورها بلغتها الأصلية. ويقدر عدد العناوين المترجمة آنذاك 1700 عنوان سنويا.
ويقول الدكتور محمد إسماعيل صالح (الصيني) - الأستاذ بجامعة الملك سعود: إن اليابان تترجم سنويا 30 مليون صفحة. كذلك الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي تحرص على أن تكون هي بنك المعلومات الكوكبي والمرجع. وعلى الرغم من أن قرابة 85٪ من الإنتاج العلمي العالمي باللغة الإنجليزية، فإننا نجد الولايات المتحدة حريصة على ترجمة كل شاردة وواردة من المنشورات العلمية، علاوة على ترجمة الرصيد الثقافي لحضارات العالم. ويشير الدكتور الصيني إلى أن قسم الترجمة التقنية الأجنبية التابع لسلاح الجو الأمريكي قد ترجم إلى الإنجليزية عام 1987م ما بين 70 و75 ألف صفحة. كذلك إدارة الخدمات المشتركة الخاصة بالمنشورات البحثية - وتتبع المكتب الفيدرالي للمعلومات العلمية والتقنية في وزارة التجارة الأمريكية - ترجمت في النصف الأول من العقد السابع 273449 صفحة، ويعمل لديها 330 مترجما في المتوسط. ويذكر أن هاتين هيئتان من بين آلاف الهيئات والمؤسسات الأمريكية العامة والخاصة. وأصدرت المؤسسة الوطنية للعلوم
NSF
في واشنطن نسخة ببليوجرافية للمواد العلمية المترجمة تحت عناوين بحوث وكتب تقع في 47 صفحة لعام واحد 1978/1979م، ص139-140.
وإذا ألقينا نظرة على نمور شرق آسيا، نجد أن تكثيف الجهود لدعم البحث والتطوير وراء نجاحها؛ إذ خططت ماليزيا 148 مليون دولار في الخطة الخمسية 1986/1990م، لتمويل مشروعات البحوث والتطوير، و222 مليون دولار في الخطة السادسة. ويمثل الإنفاق على البحوث والتطوير أكثر من 1٪ من إجمالي الناتج المحلي. وحرصت سنغافورة على تعزيز أنشطة البحوث والتطوير لدعم القدرة الإنتاجية لتصدير المعرفة التقانية وتطوير الميزة التنافسية. وتنفق سنغافورة نحو 3,4 مليار دولار أمريكي على تقانة المعلومات في مجال التعليم، وتنفق كوريا الجنوبية على البحوث والتطوير 2٪ من إجمالي الناتج المحلي.
Неизвестная страница