ويقول سامي: لقد كان ما صنعت وبالا على الناس أجمعين، ولكنه كان علينا أنا وأخي كارثة لا مثيل لها. - أن يقدم الناس لكما الاحترام كارثة؟
ويقول سامي: ليس الاحترام فيما يقدمه الناس من كلمات وحركات، وإنما الاحترام هو الحب في داخل القلوب، وقد جعلت الناس جميعا لا تحمل لنا إلا البغض والكراهية والاحتقار. وكان دعاؤهم في كل صلاة أن يخلصهم الله منك ومنا جميعا. فإنك مهما تحاول أن تمحق حرية الإنسان، فإنه على تمام حريته إذا ناجى ربه. وإن دعاء مظلوم يرتفع إلى السماء لا يعادله شيء من أطايب الأرض جميعا. - ألم أكن أجمع المال لكما؟!
ويقول سامي: لا يا أبت ... لقد كان أيسر المال يكفينا، وكان الحلال من مالك حسبنا ليكون سترا وعيشة راضية، ولكنك كنت تفعل ما تفعل؛ لأنك يلذ لك أن تقهر الناس، وتكسر كرامة الإنسان فيهم، وهم البشر الذين جعلهم الله سادة مخلوقاته، فجعلتهم أنت عبيد سلاحك وطغيانك وجبروتك.
وفي هوان اليائس ينظر زين إلى ابن دمه يستجدي منه الرحمة. - هذا قولك يا مأمون؟ - هو قولي يا أبت، ولا قول لي غيره. - هل أنت واثق يا بني؟ - كره الله ما تفعل يا أبي. - أهكذا علمك أخوك؟ - بل هكذا علمني ربي ورب أخي.
وأطرق زين، ثم قال وهو في إطراقه وانحنائه: وماذا أنتما فاعلان؟
ويقول سامي: ترد إلى كل صاحب حق حقه.
ويقول زين: لقد اختلط الحق بالباطل، ولم أعد أدري أي الأنصبة لي وأيها لغيري.
ويقول سامي في بساطة: فمالك جميعا خالطه الحرام فهو جميعه للناس.
وفي مرارة قاتلة يقول زين: وأنا وأمك كيف نعيش؟
فيقول مأمون: هذا واجبنا نحن.
Неизвестная страница