Путь Братьев Чистоты: Введение в исламскую гностику
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Жанры
وقال لنبيه، عليه السلام:
واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
5
يعني الموت بعد مفارقة الجسد. وقال:
كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون
6
فإذن الموت حكمة؛ إذ لا رجوع لها إلى ربها الرحمن الرحيم إلا بعد الموت، ولا وصول للنفس إلى ما وعد الله ورسوله إلا بعد مفارقتها الجسد ...
اعلم بأن لكل كون ونشوء أولا وابتداء، وله غاية ونهاية إليها يرتقي، ولغايتها ثمرة تجتنى. فمسقط النطفة كون قد ابتدئ، وغايته الولادة التي إليها المنتهى، والولادة أيضا كون قد ابتدئ، والموت غايته التي إليها المنتهى. وكما أن ثمرة مسقط النطفة لا تكون إلا بعد الولادة؛ لأن الطفل لا يتمتع إلا بعد الولادة، فهكذا النفس لا تتمتع إلا بعد مفارقة الجسد؛ لأن موت الجسد ولادة النفس وهي الروح ...
واعلم يا أخي أن مثل النفس مع الجسد كمثل الصبي في المكتب؛ ليتعلم ويتأدب ويرتاض، فإذا تعلم وأحكم ذلك فليس حال أخرى إلا الخروج من المكتب والانتفاع بما حصل في المكتب؛ لأنه قد تم ما يراد منه وبقي الإكرام والمجازاة. فهكذا حكم النفس مع الجسد إذا أحكمت ما يراد منها بكونها معه، ليس من طريقة إلا المفارقة. وكما أن الصبي إذا أحكم ما يراد منه في المكتب، استغنى عن حمل اللوح والدواة والمداد والقلم ... فهكذا حكم النفس مع الجسد إذا هي أحكمت أمر المحسوسات بطريق الحواس، وأمر المعقولات بطريق الفكر والروية، وعرفت حقائق أمور هذا العالم من الكون والفساد، وارتقت بعد ذلك بطريق الرياضيات التي هي البراهين إلى معرفة الأمور الغائبة عن الحواس، وارتاضت فيها وعرفتها حق معرفتها، واستبان لها أمر عالمها ومبدئها ومعادها، وعاينت بعين البصيرة أحوال أبناء جنسها من السابقين الذين مضوا على سنن الهدى، وارتقوا إلى ملكوت السماء وفسحة الأفلاك وسعتها، اشتاقت هي عند ذلك الصعود إلى هناك واللحاق بأبناء جنسها، ولا يمكنها ذلك بهذا الجسد الثقيل إلا بتركها ومفارقتها إياه، وهو الموت. فلو لم يكن الموت لكانت ممنوعة من الوصول إلى هناك. فإذن الموت حكمة ونعمة ورحمة وفضل ورضوان من الله عز وجل للنفوس المخيرة المستبصرة» (29: 3، 40-43).
وللإخوان في ذلك تشبيهات أخرى؛ فملاك الموت في قبضه للأرواح إنما يعبر بها من دار إلى دار، ويساعد على ولادتها الجديدة في الحياة الثانية، فهو بمثابة قابلة الأرواح، ومهمته تشبه مهمة قابلة الأجساد التي تساعد النساء على الوضع والولادة. والنفوس تشبه الدر بينما تشبه الأجساد الصدف ... وما الموت إلا استخراج الدرة من الصدفة ليستأنف بها أمر آخر إذا رمي بالصدف وحصل الدر. والنفوس أيضا تشبه لب الحب إذا نضجت السنابل وآن أوان الحصاد، حيث يرمى بقشورها ويحصل لبها ويستأنف بها أمر آخر. (5: 1، 211-212).
Неизвестная страница