Путь Братьев Чистоты: Введение в исламскую гностику
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Жанры
من هنا فإن الأنبياء صرحوا للخواص دون استخدام الرموز، ورمزوا للعوام بمعان محتملة للتأويل بما تفهمها عقولهم وتقبلها نفوسهم: «واعلم يا أخي أن الأنبياء يستعملون في خطابهم للناس ألفاظا مشتركة المعاني، لكيما يفهم كل إنسان بحسب ما يحتمل عقله؛ لأن المستمعين لألفاظهم وقراء تنزيلات كتبهم متفاوتون في درجات عقولهم: فمنهم خاص، ومنهم عام، ومنهم بين ذلك. فالعامة يفهمون من تلك الألفاظ معاني، والخاصة يفهمون معاني أخرى أدق وألطف. وفي ذلك صلاح للجميع؛ لأنه قد قيل في الحكمة: كلموا الناس على قدر عقولهم. وقال المسيح، عليه السلام، للحواريين: لا تضيعوا الحكمة فتضعوها عند غير أهلها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم» (46: 4، 122).
وأيضا: «وإنما يستعمل صاحب النواميس هذه الألفاظ في تنزيله وخطبه؛ لأن كلامه على العموم للناس: الخاص والعام. وفي المخاطبين: نساء وصبيان، وعلماء وجهال، وعقلاء وأغبياء. ما بين ذلك إلا لكي يعقل ويكمل كل إنسان منهم معاني ألفاظه بحسب فهمه وذكائه وصفاء جوهره، فلا يخلو أحد منهم من فائدة إذا سمعوا قراءة التنزيل. وهذا هو من أجل المعجزات في كتب الأنبياء، وخاصة القرآن منها. ومن أجل هذا قال النبي
صلى الله عليه وسلم : نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف. كل آية لها ظاهر وباطن» (42: 3، 488).
وأيضا: «فإذا تحققت هذه الآراء في نفس واضع الشريعة، وتصورها في فكرة كأنه يشاهد يقينا لا شك فيه، دعا عند ذلك إليها أهل دعوته الذين أرسل إليهم، ويجتهد في إنبائهم ما قد اعتقده [وذلك] بالتصريح عنها للخواص من أهل دعوته في السر والإعلان، غير مرموز ولا مكتوم، ثم يشير إليها ويرمز عنها عند العوام بالألفاظ المشتركة، والمعاني المحتملة للتأويل بما يعقلها الجمهور وتقبلها نفوسهم. فمن فهم تلك المعاني وتصور حقائق تلك الأمور التي أشار إليها واضع الشريعة، وتيقن بها، ودام بعد نصرتها مجتهدا في معاونته، محتملا للضيم، صابرا في السر أو الضر طلبا لمرضاة الله تعالى، سماهم واضع الشريعة الصديقين والشهداء والصالحين ... وإنما سماهم الشهداء لمشاهدتهم لتلك الأمور الروحانية المفارقة للهيولى، يعني به: جنة الحياة ونعيمها، وسماهم الصديقين؛ لتصديقهم لها بالطلب والاجتهاد ...
فأما من قصر فهمه عن معرفة تلك المعاني، وعن تصور تلك الأمور بحقائقها، فأقر بما أخبره واضع الشريعة، وصدقه على ما قال، وقام معه بنصرته مجتهدا في معاونته، صابرا تحت أمره ونهيه، سماهم واضع الشريعة المؤمنين، ومدحهم الله تعالى وأثنى عليهم من جهة إيمانهم بما أخبرهم، وتصديقهم له واجتهادهم معه في نصرته ومعاونته فقال:
وعد الله المؤمنين والمؤمنات ... .
21
وأما من أقر بلسانه وشك فيما قال بقلبه سماهم المسلمين، وذمهم الله تعالى قال:
قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ... »
22 (47: 4، 132).
Неизвестная страница