213

Путь двух миграций

طريق الهجرتين - دار ابن القيم

Редактор

محمد أجمل الإصلاحي

Издатель

دار عطاءات العلم (الرياض)

Номер издания

الرابعة

Год публикации

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Место издания

دار ابن حزم (بيروت)

Жанры

Суфизм
ذكر نعمائه عليهم، ومن ذكر ما وعدهم به في الآخرة من صنوف النعيم واللذّات، وليس عند المخلوق شيء من هذا. فهذا الوجه يحقق التوكل على اللَّه، والشكر له، ومحبته على إحسانه.
وممَّا يوضح ذلك ويقوّيه أنّ تعلّق (^١) العبد بما سوى اللَّه مضرَّةٌ عليه، إذا أخذَ منه القدرَ الزائد على حاجته المعينة له على عبودية اللَّه، ومحبته، وتفريغ قلبه له. فإنَّه إن نالَ من الطعام والشراب فوق حاجته (^٢) ضرَّه أو أهلكه، وكذلك من النكاح واللباس. وإن أحبَّ شيئا بحيث يخالِله فلا بُدَّ أن يسأمه أو يفارقه، فالضررُ حاصلٌ له إن وُجد أو فُقِدَ، فإن فُقِدَ تعذب بالفراق وتألم، وان وُجدَ فإنهُ يحصل له من الألم أكثر ممَّا يحصل له من اللذة. وهذا أمرٌ معلومٌ بالاعتبار والاستقراء أن كلَّ من أحب شيئًا دون اللَّه لغير اللَّه، فإنَّ مضرته أكثرُ من منفعته، وعذابَه به (^٣) أعظمُ من نعيمه.
يزيدُ (^٤) ذلك إيضاحًا أنَّ اعتمادَه على المخلوق وتوكُّلَه عليه يُوجب له الضررَ من جهته، فإنَّه يُخْذَل من تلك الجهة. وهذا أيضًا معَلوم بالاعتبار والاستقراءِ. فإنَّه (^٥) ما علَّق العبدُ رجاءه وتوكلَه بغير اللَّه إلا خابَ من تلك الجهة، ولا استنصرَ بغيره إلا خُذِلَ.
قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا

(^١) "ط": "أن في تعلق".
(^٢) "ط": "حاجاته".
(^٣) "به" ساقط من "ف، ك، ط". وفي "ن": "أكبر من نعيمه".
(^٤) "ف": "سنزيد". ورسم الأصل يحتمل "سيزيد"، ولكن الراجح ما أثبتنا من "ن" وغيرها.
(^٥) "ط": "أنه".

1 / 127