المبحث الثالث: اشتمال الوحي على مسائل التوحيد بأدلتها
إن المصدر الذي تؤخذ منه مسائل أصول الدين هي الوحي، فكل ما يلزم الناس اعتقاده أو العمل به، قد بينه الله تعالى بالوحي الصادق عن طريق كتابه العزيز، أو بالواسطة من كلام المصطفى ﷺ، أو ما يرجع إليهما من إجماع صحيح، أو عقل صريح دل عليه النقل وأرشد إليه.
قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩] .
وقال سبحانه: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩] .
وفي الحديث قوله ﵊: " ... وأيم الله، لقد تركتكم على البيضاء، ليلها ونهارها سواء"، قال أبو الدرداء: صدق رسول الله ﷺ، تركنا والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء"١، وفي رواية أخرى: "لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" ٢.
وفي صحيح مسلم لما قيل لسلمان الفارسي ﵁: "قد علمكم نبيكم ﷺ كل شيء حتى الخراءة! فقال: أجل ... "٣.
ودخول مسائل التوحيد وقضاياه في هذا العموم من باب الأولى؛ بل "من المحال أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم، ويعتقدونه بقلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين، الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد، والوصول إليه غاية المطالب"٤.
١ أخرجه ابن ماجه "٥"، وابن أبي عاصم في السنة "٤٩" من حديث أبي الدرداء ﵁. وقد حسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيح "٦٨٨".
٢ أخرجه أحمد "١٦٦٩٢"، والدارمي "٩٥"، وأبو داود "٤٦٠٧"، والترمذي "٢٦٧٦"، وابن ماجه "٤٤". وصححه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة "٩٣٧".
٣ أخرجه مسلم "٢٦٢".
٤ مجموع الفتاوى "٥/ ٧، ٨".