История арабской нации в эпоху праведных халифов (третья часть)
عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثالث)
Жанры
نبغ في عصر أبي بكر جمهرة من مشهوري رجال الإسلام في الحرب والعلم والسياسة، أمثال خالد بن الوليد، ويزيد بن أبي سفيان، وأبي عبيدة، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، والعلاء بن الحضرمي، وأسامة بن زيد، وأبي بن كعب، وغيرهم من عظماء الصحابة الذين علت أسماؤهم في العصر الصديقي، ونكتفي بترجمة بعضهم، فنذكر: (1) يزيد بن أبي سفيان
أبو سفيان: هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي، ولد قبل عام الفيل بعشر سنين (57ق.ه) ومات سنة 33ه، وكان من وجوه قريش جاها ومالا ومكانة، وكان تاجرا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها، وكان يخرج بنفسه أحيانا للتجارة، وكان إليه حمل راية الرؤساء، إذا حميت نار الحرب اجتمعت قريش فوضعت تلك الراية - واسمها العقاب - في يده، وكان يقال: أفضل قريش عقلا في الجاهلية ثلاثة: أبو جهل، وأبو سفيان، وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
كان من رؤساء المشركين يوم الأحزاب، ويوم أحد، وقد اختلف في تاريخ إسلامه، فقال أكثر المؤرخين: إنه أسلم يوم فتح مكة وحسن إسلامه، وروى سعيد بن المسيب عن أبيه أنه قال: رأيت أبا سفيان يوم اليرموك تحت راية ابنه يزيد يقاتل ويقول: يا نصر الله اقترب، وإنه كان يقف على الكراديس ويقول للناس: الله الله، فإنكم ذادة العرب وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار المشركين، اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك على عبادك. ويقول بعض المؤرخين: إنه ظل كهفا للمنافقين منذ أسلم، فكان في الجاهلية ينسب إلى الزندقة، وإنه دخل على عثمان لما استخلف فقال له: قد جاءت إليك بعد تيم وعدي، فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار. فصاح به عثمان: قم عني، فعل الله بك ما فعل. ولكن يغلب على ظن المرء أن هذه أحاديث مدسوسة، فإن عليها صبغة الصبغة، والله أعلم.
وكان له من الولد «يزيد» و«معاوية» و«عتبة» وغيرهم.
أما يزيد فكان أفضلهم، وكان يقال له: يزيد الخير، أسلم يوم فتح مكة، وشهد حنينا، وأعطاه الرسول من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية وزنها له بلال، وكان أبو بكر يحترمه ويقدر جرأته وفضله، أرسله يوم بعث البعوث إلى فلسطين بعد عودته من الحج سنة اثنتي عشرة، فاشترك في فتوح فلسطين. ولما مات أبو بكر واستخلف عمر أمره على فلسطين ونواحيها، ولما مات أبو عبيدة أمير الشام ولى عمر مكانه معاذ بن جبل، فلما مات معاذ ولى عمر مكانه يزيد بن أبي سفيان ، فأحسن تصريف الأمور، وفتح ما بقي من فلسطين، وخصوصا قيسارية، أحصن مدن الروم. ولما مات يزيد خلفه أخوه معاوية، وكان ذلك سنة 19، وكان يزيد من دهاة العرب وعقلائهم، برزت مواهبه في الفتوح والإدارة، وإليه يرجع الفضل الأكبر في توطيد أركان الأمن في الشام ونشر الإسلام في ربوعه. (2) عمرو بن العاص
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو القرشي السهمي أبو عبد الله، وأمه النابغة سلمى بنت حرملة، ولد سنة 50ق.ه. وكان أبوه من وجهاء قريش وأشرافهم وتجارهم ودهاتهم، فنشأ عمرو على طريقة أبيه في النبل والدهاء، ولما ظهر الإسلام كان من أشد أعدائه الذين أرادوا هدمه والكيد له ونصر الشرك، ثم أسلس قياده وأعلن إسلامه، وقد اختلف في الوقت الذي أسلم فيه، فقيل: إنه أسلم في السنة الثامنة للهجرة قبل فتح مكة، وقيل: بل أسلم بين غزوة الحديبية وخيبر، وقيل: بل إنه أسلم في الحبشة، والأشهر أنه أسلم قبل فتح مكة، جاء هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة إلى النبي وهو في المدينة فأعلنوا إسلامهم، فقال الرسول لأصحابه حين نظر إليهم: «قد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها.» وقد أمره رسول الله على سرية سيرها نحو الشام، وقال له: يا عمرو، إني أريد أن أبعثك في جيش يسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، فبعثه إلى أخوال أبيه العاص بن وائل السهمي من بلي القاطنين في مشارف الشام يدعوهم إلى الإسلام، وسار إليهم عمرو، فلما كان في الطريق بأرض جذام (عند ذات السلاسل) رأى أن المشركين قد جمعوا جموعهم عليه، فبعث إلى الرسول يستمده، فأمده بجيش فيه مائتان من المهاجرين والأنصار وأهل الشرف، ومنهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، فقاتلوا وغنموا ورجعوا، ثم إن رسول الله ولاه على عمان، فلم يزل عليها إلى أن قبض رسول الله، وفي عهد عمر تولى فتوح فلسطين والأردن، وولاه عمر إياها بعد موت أميرها يزيد بن أبي سفيان.
ثم إن عمر جمع بلاد الشام كلها لمعاوية، واستدعى عمرا إلى المدينة، فأخذ عمرو يحبذ له أن يسيره لفتح مصر، فإن فتحها قوة للإسلام لغناها وخيراتها وضعف أهلها عن المدافعة، فكره عمر ذلك أول الأمر، وما زال عمرو يكرر له رغبته ويهون له الأمر حتى أذن له وعقد له لواء على ثلاثة آلاف وخمسمائة مقاتل، وقال له: سر على بركة الله، فسار إليها وفتحها في السنة الثامنة عشرة صلحا، واستمر واليا عليها طوال عهد عمر، وفي عهد عثمان بقي فيها أربع سنين ثم عزل عنها بعبد الله سعد بن أبي سرح العامري، فكان ذلك بدء الشر بين عثمان وعمرو، ولم يقدم عمرو على الحجاز بل قصد فلسطين، وأقام فيها معتزلا، وربما أتى المدينة يثير الناس على عثمان وينفخ في نار الفتنة حتى قتل عثمان ووقعت الفتنة، فكتب إليه معاوية يستقدمه، فقدم عليه واتفق معه على الإمام علي، وشهد معركة صفين وكان أحد الحكمين، وخبره في ذلك معلوم، ولما تم الأمر لمعاوية ولاه مصر، فلم يزل عليها إلى أن مات سنة 43ه، وله نحو نيف وثمانين سنة.
كان عمرو من أذكياء الناس ودهاتهم وفصحائهم، وله شعر جيد، وخطب متوارثة، روى ابن عبد البر الأندلسي أنه لما حضرته الوفاة بكى، فقال له ابنه عبد الله: لم تبكي! أجزعا من الموت؟ قال: لا والله، ولكن لما بعده، فقال له: قد كنت على خير، فجعل يذكره صحبته الرسول وفتوحه الشام، فقال له عمرو: تركت أفضل من ذلك، شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت على ثلاثة أطباق ليس فيها طبق إلا عرفت نفسي فيه، كنت أول شيء كافرا، فكنت أشد الناس على رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فلو مت يومئذ وجبت لي النار. فلما بايعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Неизвестная страница