Эпоха процветания: История арабской нации (часть пятая)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Жанры
أما وزراؤه: فكان أولهم أبو سلمة الخلال، وهو وإن لم يكن وزيرا بالمعنى المفهوم من الكلمة فإنما كان، كما رأينا، صاحب الدولة والمدير لها والمنفق عليها في ابتداء أمرها؛ لأنه كان من المياسير، ولما تم الأمر لأبي العباس «استوزره» وفوض الأمور إليه، وسلم إليه الدواوين، ولقبه «بوزير آل محمد» كما يقول ابن الطقطقي، وكانت خاتمة أمره على الشكل الذي رأيناه فيما سبق، وقد اختلف المؤرخون فيمن ولي الوزارة بعد أبي سلمة، يقول ابن طباطبا الطقطقي: «اختلفوا فيمن وزر للسفاح بعده (أي بعد أبي سلمة) فقيل: أبو الجهم، وقيل: عبد الرحمن ...» وأما الصولي فقال: «إن السفاح استوزر بعد أبي سلمة خالد بن برمك.»
والحق أن لفظة «الوزارة» لم يكن بعد قد استقر معناها؛ لأنها أمر جديد لم تعرفه النظم الإسلامية في عهد بني أمية ولا في عهد الراشدين، وأول مرة نجد ذكر هذا المنصب بشكل رسمي في العهد العباسي حينما سمى الخراسانيون أبا سلمة «وزير آل محمد»، على أن الكلمة كانت معروفة من قبل، فقد وردت في القرآن الكريم عند قوله تعالى:
واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي ، ووردت في بعض الأحاديث النبوية الشريفة تصف أبا بكر الصديق بأنه كان وزير النبي
صلى الله عليه وسلم
كما وردت في بعض الأخبار تصف عمر بأنه كان وزيرا أو كالوزير للصديق، وفي العصر الأموي وجدنا بعض المؤرخين يطلقون لفظ «الوزير» على «الكاتب»، وربما وصفوا عبد الحميد كاتب مروان بن محمد «بالوزارة»، ولكن هذا كله لم يكن يقصد به - في رأينا - المعنى الاصطلاحي الذي عرفت به هذه الكلمة في العصر العباسي، وإنما أريد بها نوع من أمانة السر أو الاستشارة أو الكتابة أو ما شابه ذلك.
ويظهر أن الخراسانيين إنما أخذوا ذلك المنصب من تراتيبهم الإدارية الفارسية الساسانية التي كان فيها مثل هذا المنصب الوزاري، وكان اسم صاحب هذا المنصب عندهم «بزرك فرم داز» أو «بزرج فرمداز»، ومعناه «كبير عمال الدولة»؛ أي رئيس رؤسائها ووزير وزرائها .
1
ويظهر أن أبا سلمة قد أعاد تقاليد الساسانية في منصبه الجديد، وكان إلى جانب ذلك كاتبا بالعربية بليغا وعالما فصيحا، مطلعا على الأخبار والأشعار والآداب الجاهلية والسير والجدل والتفسير، حاضر الحجة ذا يسار ومروءة، فاستطاع بهذه المزايا كلها أن يوطد منصب الوزارة وينظم أمورها كما يذكر ابن طباطبا والجهشياري، ويظهر أن النهاية التي صار إليها أبو سلمة قد جعلت من جاء بعده كخالد بن برمك وأبي الجهم يتحاشون عن التلقب بلقب «الوزارة»، وقال الجهشياري وابن طباطبا: «إن كل من استوزر بعد أبي سلمة كان يتجنب أن يسمى وزيرا نظرا لما جرى لأبي سلمة.»
2
ومن الأمور التي تجب الإشارة إليها في عهد أبي العباس أمر «العاصمة»، فقد اتخذ «الكوفة» أول الأمر مستقرا له، ولكنه لم يكن مطمئنا إلى نوايا أهلها، فأخذ يفتش عن مدينة أخرى يستقر فيها ويجعلها مقره ومسكن أنصاره وأصحابه، فاتخذ «الهاشمية» وهي إلى جوار الكوفة، ثم انتقل منها إلى «الحيرة»، ثم ذهب إلى «الأنبار» في سنة 134ه، ويذكر ابن قتيبة أنه استطاب إقليم الأنبار فابتنى بها مدينة بأعلى المدينة عظيمة لنفسه وجموعه، وقسمها خططا بين أصحابه من أهل الخراسان، وبنى لنفسه في وسطها قصرا عاليا، وأقام بتلك المدينة طول خلافته.
Неизвестная страница