Эпоха процветания: История арабской нации (часть пятая)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
Жанры
وبعد؛ فإن الصناعة من نسج وحياكة وتعدين ووراقة، وما إلى ذلك من الصناعات التي تقتضيها الحضارة قد بلغت أوجها في القرن الثالث للهجرة، حتى غدت عواصم الإسلام، وبخاصة بغداد والإسكندرية، أهم مركزين عالميين للتجارة والصناعة، وقد ظل ذلك حقبة طويلة من الزمن إلى أن اضمحل الملك العربي. (9) خاتمته
كان المأمون من أفاضل خلفاء العباسيين وعقلائهم ومثقفيهم وحكمائهم، ويقول المسعودي إنه: «كان حسن التدبير لا تخدعه الأماني ولا تجوز عليه الخدائع، ولم يكن يعاب في حكمه بشيء سوى تهاونه بالأمر بعد استخلافه فترة، وتركه السلطة لآل سهل يفعلون ما يريدون، كما يعاب عليه تقريبه الأعاجم وتبعيده العرب.»
15
وقال ابن الأثير: «تعرض رجل للمأمون بالشام مرارا وقال: يا أمير المؤمنين انظر لعرب الشام كما نظرت لعجم خراسان، فقال له: أكثرت علي، والله ما أنزلت قيسا من ظهور خيلها إلا وأنا أرى أنه لم يبق في بيت مالي درهم واحد (يعني بسببهم في فتنة ابن شبث)، وأما اليمن فوالله ما أحببتها ولا أحبتني قط، وأما قضاعة فساداتها تنتظر السفياني حتى تكون من أشياعه، وأما ربيعة فساخطة على ربها منذ بعث نبيه من مضر، ولم يخرج اثنان إلا وخرج أحدهما سائسا، اعرف فعل الله بك.»
16
وهو كما نرى جواب غريب، وقول عجيب من أمير المؤمنين العاقل الحكيم، ولكنها السياسة الأعجمية غلبت عليه ما أفسدته وجعلته يقول هذا القول.
ومهما يكن من شيء فإن المأمون على كل حال خليفة عظيم الشأن، ولو فسح له في أجله لكان شأنه أعظم، ولا شك في أنه حين شعر بدنو أجله وهو يعد عدته لفتح القسطنطينية، أن البلاد قادمة على عهد يجب أن يكون الخليفة فيه إنسانا قويا، فلذلك تناسى ابنه وتجاوز عنه إلى أخيه المعتصم، فأوصاه بوصية تدل على عقله وحزمه، وقد حفظ لنا الطبري نصها، ومما جاء فيها قوله:
17 «هذا ما شهد عليه عبد الله بن هارون أمير المؤمنين بحضرة من حضره، أشهدهم جميعهم على نفسه أن يشهد ومن حضره أن الله عز وجل وحده لا شريك له في ملكه، ولا مدبر لأمر غيره، وأنه خالق وما سواه مخلوق، يا أبا إسحاق (هو المعتصم) ادن مني واتعظ بما ترى، وخذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذا طوقكها الله عمل المريد لله الخائف من عقابه وعذابه، ولا تغتر بالله ومهلته، فكأن قد نزل بك الموت، ولا تغفل أمر الرعية، العوام العوام، وعجل الرحلة عني والقدوم إلى دار ملكك، وانظر هؤلاء القوم الذين أنت بساحتهم فلا تغفل عنهم في كل وقت، والخرمية فأغزهم ذا حزامة وصرامة، ولا تتخذن بعدي وزيرا تلقي إليه شيئا؛ فقد علمت ما نكبني به يحيى بن أكثم في معاملة الناس وخبث سيرته، وهؤلاء ولد عمك من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فأحسن صحبتهم، وتجاوز عن مسيئهم واقبل من محسنهم، وصلاتهم فلا تغفلها في كل سنة عند محلها، فإن حقوقهم تجب من وجوه شتى ...» هذا ثم أسلم روحه وانطفأ نور الشمعة الوهاجة التي ختمت عهد العباسيين المشرق القوي وعصر الازدهار العربي، وخلف من بعده خلفاء أضاع كثير منهم هيبة السلطان، وتركوا البلاد تتخبط، فاستقلت بعض الأقاليم، وتسلط عليها عناصر غريبة من ترك وديالمة أفسدوا ملك العرب والإسلام.
الفصل الثامن
المعتصم بن الرشيد
Неизвестная страница