Эпоха распада: История арабской нации (Часть шестая)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Жанры
وكان للناصر من أعمال البر والخير والعرفان ما يفوت الحصر، ومات في سنة 622ه، وفي عهده حدثت حوادث جسام، كإغارة المغول والتتر على البلاد، فاستولوا على أقاليم المشرق من الصين إلى العراق، وعاثوا بالبلاد فسادا، والخليفة لا يستطيع الوقوف أمامه إلى أن أدركه أجله فمات في رمضان سنة 622ه.
فخلفه ولده أبو نصر محمد الظاهر بأمر الله في سنة 622ه، ولم تطل أيامه ولم يكن في أعماله شيء ذو خطر، ومات سنة 623ه فخلفه ولده أبو جعفر المنصور المستنصر بالله سنة 623ه، وكان شهما جوادا عاقلا عالما فاضلا محبا للعمران وتأسيس دور العلم، وكانت أيامه طيبة، والبلاد هانئة، وفي عهده تم للمغول السيطرة على بلاد إيران إلى حدود العراق، والخلفاء ساكتون واجمون، والنكبة محدقة بهم. وفي سنة 640ه مات المستنصر فخلفه ابنه المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله آخر الخلفاء العباسيين على يد هولاكو المغولي، وكان ذلك في 20 محرم سنة 656ه.
قال ابن طباطبا في وصف المستعصم الفخري: «كان رجلا حرا متدينا، لين الجانب، سهل العريكة عفيف اللسان والفرج ... قليل الخبرة بأمور المملكة مطموعا فيه ... وكان زمانه ينقضي بسماع الأغاني والتفرج على المساخر، وبعض الأوقات بخزانة الكتب للتسلي، وكان أصحاب دولته من الجهال الأراذل إلا وزيره مؤيد الدين محمد بن العلقمي، فإنه كان فاضلا عاقلا نبيلا، ففسدت الأمور واضطربت أحوال الدولة، وطمع فيها التتر، وكان جنكيز خان قد هلك في سنة 624ه/1227م في عهد الخليفة المستنصر بعد أن استولى على أكثر بلاد المملكة الإسلامية في المشرق والمغرب، فلما هلك اضطربت الدولة المغولية فترة، ثم أجمع قوادها وأمراؤها أمرهم على انتخاب آكتاي بن جنكيز خاقان عليهم في سنة 426ه، فجهز جيشا من 30 ألف مقاتل ولى قيادته إلى شيرماجون وبيدشو لقتال السلطان جلال الدين منكوبرتي ملك الدولة الخوارزمية فقضوا عليه.»
1
وكانت الدولة الخوارزمية حاجزا عن البلاد الإسلامية التي سيطر عليها جنكيز وبين الدولة العباسية، فلما سيطروا على الدولة الخوارزمية، سهل عليهم القضاء على أملاك الخلافة العباسية، ويظهر أن المسلمين قد كانوا يعرفون هذا؛ فقد روى ابن تغري بردي «أن بعض الناس دخلوا على السلطان الملك الأشرف موسى صاحب دمشق وهنئوه بمقتل عدوه، منكوبرتي، فقال لهم: «تهنوني وتفرحون، وسوف ترون عنه، والله لتكونن هذه الكسرة سببا لدخول التتر إلى بلاد الإسلام، ما كان الخوارزمي إلا مثل السد الذي بيننا وبين يأجوج ومأجوج».» وهكذا كان؛ فإن مانجو خان (مانكو) الذي خلف آكتاي سنة 649ه جهز جيشين؛ أحدهما بقيادة أخيه كوبلاي لإتمام فتح الصين، والثاني بقيادة أخيه الأصغر هولاكو للقضاء على الإسماعيلية في فارس، والسيطرة على بغداد، فشرع هولاكو يجهز جيشه ويعد العدة ويكاتب الملوك والأمراء المسيحيين وغير المسيحيين من أعداء خلافة بغداد للقضاء على الخليفة. وتمكن هولاكو في سنة 653ه من السيطرة على بلاد الإسماعيلية واحتلال حصنهم «قلعة الموت» في سنة 654ه، ثم كتب إلى الخليفة المستعصم في 9 ربيع الثاني سنة 655ه/21 أيلول سنة 1257م رسالة يدعوه فيها إلى الاستسلام والخضوع والحضور إلى حضرته لإعلان ذلك، فلم يهتم بالرسالة كما لم يهتم بأمر الدفاع عن بلاده على الرغم من تحذير وزيره ابن العلقمي له، فسارت جيوش المغول قاصدة العراق حتى طوقت بغداد سنة 656ه، وأراد الخليفة في تلك الساعة المصالحة والذهاب بنفسه إلى معسكر هولاكو مع أولاده الثلاثة ليسلم إليه بغداد التي أعمل فيها التتر التخريب والفساد مدة أسبوع، على أن يؤمنه على أهله ونفسه بعد أن قدم جواهر الخلافة ونفائس المملكة إلى هولاكو، فأخذ ذلك منه، ولم يمهله إلا عشرة أيام حتى قتله هو وابنه الأكبر في الرابع عشر من صفر سنة 656ه بعد أن كان خرج عن بغداد ومعه الخليفة فقتله في الطريق، رفسا على باب كلواذي.
وقد حل ببغداد من التقتيل وفظائع التتر أمور مخيفة أطنب المؤرخون في وصفها، وإليك موجز ما يقوله السيوطي (في تاريخ الخلفاء، ص363)، عن ذلك، حين يذكر أنه قد قدر عدد من قتل من أهلها في الحصار وبعده ما يقرب من مليون نسمة، ولم يترك هولاكو أحدا من العلماء والأمراء والحجاب وكبار الموظفين والتجار والوجوه والأشراف على قيد الحياة، ولم يسلم من أهل المدينة إلا من اختفى في بئر أو في قناة، وقد انتهبت دورها وقصورها وأرسلت نفائسها إلى أذربيجان، وكان لسقوط بغداد أثر كبير في خضوع أمراء آسيا الغربية مثل بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل والأتابك أبو بكر بن سعد صاحب فارس، وسلاجقة الروم، كما كان من آثار هذا السقوط أن انتقلت الخلافة العباسية إلى مصر.
الفصل الثاني
مظاهر الانحلال وأسباب السقوط في الدولة
فسدت أمور الدولة العباسية في هذه الفترة فسادا بارزا، وبخاصة في الفترة الأخيرة منها؛ فقد كان الخلفاء منصرفين إلى توافه الأمور، أما تقوية كيان الدولة والتيقظ لما قد يصيبها من بلاء فقد كانوا في معزل عنه، وكان السلاطين السلاجقة هم المفكرون بشئون الدولة والبلاد، وقد عاشت البلاد فترات رخاء وأمن، حين كان السلاجقة أقوياء منصفين، فلما ضعفوا وظلموا فسدت الحالة وعم البلاء إلى أن كانت الكارثة العظمى. ويمكننا إجمال مظاهر الانحلال في الدولة العباسية حين سقوطها بالنقاط الأربع عشرة الآتية: (1)
سقطت مكانة الخليفة في هذه الفترة، وذلت الخلافة ذلا واضحا في أواخر عهد بني بويه، وتسلط على الخلفاء مماليكهم، وعلى رأسهم البساسيري مملوك بهاء الدولة بن عضد الدولة. وقد صور لنا ابن العميد (في كتابه: تاريخ المسلمين، ص271) نفوذ البساسيري وضعف الخليفة بقوله: «كان قد عظم قدره بالعراق واستفحل، فطار اسمه، وعظمت هيبته، وخافته أمراء العجم، وخطب له على منابر العراق، ولم يبق للملك الرحيم بن بويه، إلا مجرد الاسم، ثم بلغ الخليفة القائم بأمر الله أن البساسيري قصد دار الخلافة للقضاء عليه ... وقد استطاع أن يقضي عليه ويسجنه في قلعة الحديثة، ثم استنجد الخليفة بطغرل بك السلجوقي لطرد البساسيري، فكان له ما أراد، وقد ظن أن سيطرة السلاجقة ستعيد له مكانته، وللخلافة سلطانها، ولكن ظنه خاب؛ فإنهم أعادوا له مظاهر الاحترام، واستبدوا بالأمر دونه، وأقطعوه بعض الأراضي ليستغلها. (2)
Неизвестная страница