Эпоха распада: История арабской нации (Часть шестая)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
Жанры
أما رجال العلم فقد وضعناهم في عداد هذه الطبقة لأنهم كانوا دوما في شر حالة؛ فكتب الأدب والتاريخ والطبقات مليئة بأخبار هؤلاء البائسين، وإليكم ببعض النتف التي تؤيد ما ذكرناه:
كان أبو حيان التوحيدي الإمام الأديب الكاتب الفيلسوف البليغ الصوفي يعيش من نسخ الكتب والوراقة والتأليف، وإليك وصف حاله: «ولقد اضطررت بينهم بعد العشرة والمعرفة في أوقات كثيرة إلى أكل الخضر في الصحراء، وإلى التكفف الفاضح عند الخاصة والعامة، وإلى الدين والمروءة، وإلى تعاطي الرياء بالسمعة والنفاق، وإلى ما لا يحسن بالحر أن يرسمه بالقلم.»
16
وقد ملأ كتبه «الإمتاع» و«الصداقة» و«المقايسات» بشكوى الزمان من سوء الحال والفقر، واضطر آخر عمره - ولا شك في أنه أصيب بنوع من الجنون - إلى أن يحرق كل كتبه.
وكان أبو علي القالي الإمام اللغوي الأديب، يشكو البؤس والفقر فلا يجد أحدا يعطيه قوته حتى اضطر أن يبيع كتبه ليعيش، ثم عزم أن يهاجر إلى الأندلس فهاجر إليها ولقي الحياة الهنية بقرب أميرها الكريم الحكم الأموي.
وكان الفقيه الشاعر اللغوي الأديب الأبيوردي مضرب المثل في البؤس والحاجة، وقد حكى عنه الخطيب البغدادي أنه مكث سنتين لا يقدر على شراء جبة يلبسها في الشتاء.
وهناك مئات من الآدميين ومن العمال والفلاسفة والأطباء وأهل الحكمة والفن عاشوا في شظف وبؤس ما بعدهما مزيد، ونختم هذا الكلام بهذه القصة، بل الفاجعة التي يرويها أبو حيان فيقول: «شاهدنا في هذه الأيام شيخا من أهل العلم ساءت حاله وضاق رزقه، واشتد نفور الناس عنه، ومقت معارفه له، فلما تولى هذا عليه دخل يوما منزله ومد حبلا إلى سقف البيت واختنق به، فلما عرفنا حاله جزعنا وتوجعنا وتناقلنا حديثه وتصرفنا فيه.»
17
وهذا بلاء ما بعده بلاء. والحق أن العلماء كانوا نوعين؛ «نوع» تمكن من الاتصال بالخليفة أو السلطان أو الأمير، أو بعض رجال الدولة، أو الأغنياء الرحماء، فهم في حالة ميسورة، بل ربما بلغوا طبقة الأغنياء، ولكنهم قلة. و«نوع» لم تمكنه ظروفه من الاتصال بالخليفة، أو رجال دولته، أو أنهم لم يرضوا ذلك، فهم في بؤس وعنت أو في كفاف وتقشف. (5)
طبقة المكدين والمتصوفة والمتفقهة: كان المكدون من شحاذين محترفين أو بؤساء عاجزين أو مقعدين يعيشون من صدقات الناس وإحسانهم، وكانوا يتخذون المساجد والطرقات العامة وأبواب المساجد والحمامات محلات لهم، يسألون الناس فيها الإحسان والتصدق، وكان العربي يأنف من أن يهوي إلى هذه الطبقة، بل يفضل أن يرجع إلى البادية يسرق أو يغزو.
Неизвестная страница