Эпоха упадка: История арабской нации (Часть седьмая)
عصر الانحدار: تاريخ الأمة العربية (الجزء السابع)
Жанры
وقد اختلف قول المؤرخين في عدد قتلى أهل بغداد، فروى ابن الغوطي أن عددهم بلغ ثمانمائة ألف نسمة عدا من ألقى نفسه في الأنهار، وعدا من هلك من الأطفال، ومن هلك بالقنوات والآبار والسراديب فمات جوعا وخوفا.
3
وروى الجلال السيوطي أنهم بلغوا ألف ألف نسمة، وقال آخر: بل إنهم قاربوا ثلاثة آلاف ألف،
4
ولم يسلم أحد من الناس إلا من كان مختبئا في الآبار والقنوات والسراديب، وإلا من كان لاجئا إلى إحدى الدور الثلاث التي قال هولاكو: إن من دخلها كان آمنا ، وهي دار مؤيد الدين بن العلقمي الوزير، ودار فخر الدين بن الدامغاني صاحب الديوان، ودار تاج الدين بن الدوامي صاحب الباب. ويظهر أن هؤلاء الثلاثة كانوا متآمرين مع هولاكو على الخليفة، وقد نودي بعد ذلك بالأمان، فخرج المختبئون ووجوههم مصفرة، وحلومهم طائشة، لما شاهدوا من الأهوال والويلات التي يعجز القلم عن وصفها، والفكر عن وعيها.
وفي اليوم الجمعة تاسع صفر سنة 656ه دخل هولاكو المدينة وقصد دار الخلافة واستدعى إليه الخليفة، فقدم عليه وهو مندهش ذاهل، فقال له هولاكو: طب نفسا ولا تضطرب. ثم طلب إليه أن يظهر ما لديه من الثياب والأموال والرياش والكنوز، ففعل، وكانت أشياء لا يقدر ثمنها نفاسة مما كان الخلفاء الأقدمون قد ادخروه منذ تأسيس الخلافة العباسية، فاستولى هولاكو على ذلك كله، وأمر بحمله إلى ركابه.
وترك بغداد لفساد هوائها من كثرة الجيف وانتشار الأوبئة والأمراض، وطلب إلى بعض رجاله أن يتولوا الإشراف على الخليفة ويسيئوا معاملته هو وأهل بيته، ثم يقتلوهم جميعا ويقضوا على البيت العباسي، وهكذا فعلوا حتى إذا كان يوم 14 صفر سنة 656ه قتل الخليفة وأولاده الثلاثة، ثم في اليوم التالي قتل جميع الأمراء العباسيين والعلويين حتى لم تبق منهم باقية.
وهكذا زالت الخلافة العباسية التي استمرت من يوم 12 ربيع الأول سنة 132ه/749م إلى أوائل صفر سنة 656ه/1258م، وبزوالها زال الحكم العربي وانقرضت الخلافة العباسية، ونتج من هذا نتائج جد خطيرة لا في العراق وحسب، بل في العالمين الإسلامي والعربي كما سنرى تفصيل ذلك بعد.
ولما استقر المغول في بغداد خضعت لهم كافة الديار العراقية، وعهد هولاكو إلى الوزير مؤيد الدين محمد بن العلقمي آخر وزراء الدولة العباسية بأن يهتم بشئون بغداد وما إليها، وقد استعان مؤيد الدين بطائفة من رجالات الإدارة في العهد العباسي، فأعاد فخر الدين بن الدامغاني صاحب الديوان السابق إلى وظيفته، وعهد للأمير علي بهادر بوظيفة الشحنة، وللأمير نجم الدين أحمد بن عمران بكافة الأعمال الشرقية، ولتاج الدين علي بن الدوامي بالأعمال الفراتية، وللقاضي نظام الدين عبد المنعم بالقضاء، ولعز الدين بن أبي الحديد بالكتابة، ولطائفة أخرى من رجالات العهد الماضي بالوظائف الكبرى الأخرى، فأخذت الطمأنينة تعود شيئا فشيئا إلى البلاد، واستطاع من بقي من الناس أن يفتشوا عن أموالهم وأعمالهم، وشرع الموظفون ورجال الإدارة الجدد بترميم ما يمكن ترميمه من المساجد والمدارس والربط والقصور والدور والجسور والشوارع والأسواق.
وصفوة القول: أن المحتل لم يبدل نظام الحكم - كما هي السنة - بل استبقى الحالة على ما هي عليه، وحفظ التراتيب الإدارية على سابق عهدها، إلا أنه جعل رئاسة الأمور مربوطة دائما برؤساء من المغول يرجع إليهم الوزير ممن دونه، ويتصرفون بالبلاد كما يوحي إليهم، واستمر الوزير ابن العلقمي في عمله وسيطا بين المغول وأهل البلاد حتى هلك في جمادى الأولى من السنة نفسها، فخلفه ابنه عز الدين أبو الفضل في منصب الوزارة، وسار بالناس سيرة أبيه، ولم يأت بشيء جديد سوى أنه طلب إليه أن يحصي أهل بغداد فأحصاهم، وجعل عليهم أمراء ألوف، وأمراء مئات، وأمراء عشرات، وقرر على كل إنسان - ما خلا الأطفال والشيوخ - مبلغا مسمى من المال يدفعه في كل سنة، واستمرت هذه الضريبة حتى أزالها الوزير الذي جاء من بعده، ولم يطل عهد ابن العلقمي فهلك وله من العمر أربعون عاما في سنة 657ه، فخلفه الوزير علاء الدين عطاء ملك الجوني في ذي الحجة سنة 657ه، وجعل علاء الدين عمر بن محمد القزويني معاونا له، وقاسى الناس في هذه الفترة ويلات من تأدية الضرائب الكثيرة التي كانت تفرض عليهم، وتؤخذ منهم بالقوة.
Неизвестная страница