Возрождение: История арабской нации (часть восьмая)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
Жанры
وأما ليبية، فقد كانت تحت سلطة الأسرة السنوسية التي اتخذت مدينة بنغازي مقرا لها، وكان زعيمهم السيد محمد علي السنوسي ذا نفوذ قوي وسلطان عظيم، وقد وضع نظاما لإدارة البلاد منذ عام 1851م، ولما مات سنة 1859م خلفه ابنه المهدي، وكان ذا نشاط كبير، فعمت الطريقة السنوسية في إقليمي برقة وطرابلس الغرب، والسودان الغربي، فخافته الدولة العثمانية على نفوذها وأخذت تحاربه، واضطر إلى اللجوء إلى واحة جغبوب، ثم اضطر إلى مغادرتها في سنة 1894م إلى واحة الكفرة، وازدادت الحركة السنوسية في الجنوب حتى بلغت أعالي السودان، وأخذ الاستعمار الفرنسي يحاربها بعنف حتى مات المهدي السنوسي في سنة 1902م، فأخذ خلفاؤه يجمعون قواهم إلى أن أراد الإيطاليون احتلال ليبية، فوقفوا في وجههم وقفات أثبتت صدق وطنيتهم، واستطاعوا أن يحصروا الاحتلال الإيطالي في الساحل.
ولما وقعت الحرب العالمية وانضمت إيطالية إلى الحلفاء، أعلن الليبيون تأييدهم للدولة العثمانية ضد الحلفاء، وجاءتهم المؤن والذخائر من الدولة بوساطة الغواصات الألمانية، وتحرج موقف الإيطاليين، ولكن لم تمض فترة حتى انقسم السنوسيون إلى فريقين: فريق يتزعمه السيد أحمد الشريف السنوسي الذي كان يرى وجوب تأييد الدولة العثمانية على الطليان والحلفاء عامة.
وفريق ثان يترأسه السيد محمد بن المهدي السنوسي الذي كان يقول بوجوب البقاء على الحياد وعدم تأييد فريق على آخر؛ لأن للإنكليز فضلا على السنوسيين بحمايتهم من ضربات الفرنسيين.
وكان سواد الناس مع الفريق الأول، ولما انتهت الحرب العالمية الأولى اضطر السيد أحمد الشريف إلى اللجوء لتركية ثم للحجاز، وخلفه على زعامة السنوسيين السيد إدريس الملك الحالي.
الباب الثالث
الفصل الأول
حالة العالم العربي الفكرية في القرن التاسع عشر
اختلفت أوضاع الحالة الفكرية في العالم العربي حوالي نهاية القرن الثامن عشر وفجر القرن التاسع عشر اختلافا كبيرا؛ فالعراق والشام غارقان في سبات، إلا ما كان من أثر بعض الإرساليات الدينية التي كان طلابها يتعلمون - إلى جانب الثقافة المدرسية الحديثة - بعض اللغات الأوروبية من إيطالية، وإفرنسية، وإنكليزية، وألمانية. والجزيرة العربية وشمالي أفريقية كانت تتخبط في دياجير الجهالة، إلا ما كان من أثر نور التعليم الديني البحت مع شيء من التعليم الأدبي، ومصر - وحدها - كانت أرقى حالا؛ لأنها أخذت من فجر القرن التاسع عشر تنشئ المدارس الحديثة المعتمدة على الأساليب العلمية الأوروبية؛ هذا بالإضافة إلى الحركة العلمية التي كان الجامع الأزهر محور نشاطها.
وقد استعان محمد علي بشبان الأزهر في تجديد النشاط العلمي، فاختار منهم نفرا استعان بهم لتأسيس بعض مدارسه الحديثة، كما أوفد نفرا منهم إلى مدارس الغرب يتلقون العلم فيها من طب وحكمة وفلسفة وطباعة وفنون، وإلى جانب الأزهر الذي كان يرعى الثقافة الفكرية والحركة الدينية والأدبية، كانت المدارس العلمية التي أنشأها محمد علي وجعل التعليم فيها باللغة العربية، وكان أقدمها إنشاء مدرسة الموسيقى العسكرية؛ فقد أحدثت سنة 1824م، وهذه المدارس هي: مدرسة الموسيقى، والتجهيزية، والمشاة، والفرسان، والمدفعية «الطبجية»، والبحرية؛ وهذه كلها مدارس عسكرية. وأما المدارس المدنية، فهي مدارس الطب، والصيدلة، والكيمياء العملية، والطب البيطري، والتعدين، والهندسة، والزراعة، والولادة، والإدارة الملكية، والحسابات، والألسن، والترجمة، والصنائع، والفنون.
وكان عدد الطلاب في هذه المدارس نحو عشرة آلاف طالب في سنة 1839م، وكانت الحكومة المصرية هي التي تنفق على طعامهم وكسوتهم ودراستهم.
Неизвестная страница