Возрождение: История арабской нации (часть восьмая)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
Жанры
ترقية المعارف، فوالله لا يمتاز أحد عندي إلا بفضله وعرفانه.
وأعلمكم أنني عند مروري من حماه أثرت همة الأهالي بكلمات وجيزة للعناية بالعلم وافتتاح المدارس، وبجلسة واحدة تبرع بضعة أشخاص بأربعة آلاف جنيه، ووعد آخرون بإبلاغه إلى اثني عشر ألف جنيه. وسأستدعي حضرات الأهالي بحفلات خاصة للعناية بهذا المشروع الهام، ومشروع العلم روح البلاد، ونفع العباد، ويمتع الأمة بالحياة الرغيدة.
1
هذا خطاب ممتع يعيد إلى ذاكرتنا خطب القادة العرب الكبار أمثال الإمام علي، وأبي جعفر المنصور، ومعاوية، والهادي، والرشيد؛ لما انتظم عليه من أساليب الإدارة الصالحة، والحكم الرشيد، والتواضع، والحزم، والأخذ بأساليب السياسة، والسير في مدارج الحضارة والرقي ، والدعوة إلى التعلم والتآخي، ونبذ روح التعصب والفرقة بين أجزاء الأمة الواحدة، وهو وإن اشتمل على بعض مقاطع تدل على وثوق بالدول الغربية، وميل إلى سياستها؛ فإنها أمور اقتضتها الظروف آنئذ، وإلا فإن المعروف عن فيصل - رحمه الله - أنه كان من أشد بني هاشم شكيمة، وأصلبهم عودا في القضايا القومية، وعدم التفريط بحقوق قومه، ولكنها السياسة تضطر المرء كثيرا إلى المداورة والمداراة والمجاراة.
الفصل الثالث
الحكم على نتائج الثورة العربية
كان من نتائج الثورة العربية الميمونة أن استقلت الجزيرة العربية استقلالا كاملا، فاستراح الحجاز واليمن ونجد من الظلم التركي نهائيا، وعاش أبناء هاتيك البلاد في سكينة وهناء ينعمون بنعمة الاستقلال، وقد اعترف لهم الحلفاء بهذا الاستقلال التام.
أما بلاد الشام والعراق، فإنها وإن لم تتخلص من رجال الاستعمار الغربيين نهائيا، فإنهم اعترفوا لها بكيانها القومي ولغتها العربية؛ يقول الأمير مصطفى الشهابي: «إن الثورة العربية كانت في اليقظة الحديثة أول عمل عظيم نهض به العرب لاسترداد حريتهم السليبة، وقد أدت هي وعوامل أخرى إلى استقلال الحجاز ونجد واليمن استقلالا تاما، وإلى اعتراف الحلفاء للعرب بكيانهم القومي وبلغتهم العربية في الشام والعراق ، والذي يقدر له أن يبتلى بحكم الأتراك، وأن يعيش معهم بلا قومية ولا لغة؛ يدرك ما لمثل هذا الاعتراف من شأن في حياة الأمم، فالثورة المذكورة لم تبلغنا كل ما كنا نبتغيه منها، ولكنها حققت جانبا من أهدافنا القومية، وعلمتنا كيف نسعى في تحقيق الجانب الآخر، وجعلت خصمنا في الشام والعراق دولتين استعماريتين كان لهما مطامع سياسية في ذينك القطرين، ولكن لم يكن لهما مطامع قومية كالمطامع التي كانت للحكومة التركية؛ فقد كنا مع الأتراك فاقدين للسيادة الداخلية والخارجية، وكنا فوق ذلك غير معترف لنا بلغتنا وبقوميتنا، وكنا مساقين إلى التترك، فأصبحنا مع الدولتين المذكورتين معرضين لفقد السيادة فحسب، وكلا الوضعين كان شرا، ولكن بعض الشر أهون من بعض. ولما كان من غير الجائز لأمة حية أن تقبل بفقد سيادتها، أي بتسلط دولة أجنبية على شئون الحكومة في بلادها، سرعان ما بدأ القتال المرير بيننا وبين إنكلترة وفرنسة على السيادة في العراق وفي الشام.»
1
وهذا قول حق؛ فإن الحركة الثورية التي قام بها الحسين وأحرار العرب كانت واجبا قوميا؛ لأن الذين عاشوا تحت الحكم التركي وذاقوا مرارته ورأوا فلذات أكبادهم تموت في العراء، ولغتهم تمتهن، وكرامتهم تداس، آمنوا بضرورة القيام بتلك الحركة، ولو لم تكن الضمانات التي أخذها الحسين من الحلفاء ضمانات قاطعة تعترف بالاستقلال العربي التام في دنيا العروبة كلها.
Неизвестная страница