История исламской цивилизации (Часть первая)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Жанры
وضاق بنو عباد ذرعا في حرب ألفونس السادس ملك ليون، فاستنجدوا ملك المرابطين من المغرب، فأقبلوا بقيادة يوسف بن تاشفين اللمتوني، وانضم إليهم عدد كبير من ملوك الطوائف وجنودهم وتمكنوا من الانتصار على ألفونس السادس في موقعة الزلاقة عام 478 / 1086 انتصارا حاسما أنقذ دولة الإسلام في الأندلس إلى حين، ثم عاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب حاسبا أن أمراء الطوائف سيصلحون من أحوالهم، ولكنه تبين أنهم عادوا إلى ما كانوا فيه، فرجع إلى الأندلس مرة أخرى واستنزل ملوك الطوائف جميعا عن عروشهم، عدا بني هود أصحاب سرقسطة، وجعل ما بقي بيد المسلمين من الأندلس جزءا من دولة المرابطين، وظل الأمر على ذلك حتى سنة 540 / 1145 عندما تغلب الموحدون على المرابطين في المغرب وأزالوا ملكهم وحلوا محلهم، وأنشأوا إمبراطورية واسعة شملت المغرب الإسلامي كله وما بقي بأيدي المسلمين من البلاد الأندلسية.
ونشأت في نهاية العصر الموحدي إمارات صغيرة في بلنسية ومرسية وغيرهما من قواعد الأندلس، أهمها في غرناطة الدولة النصرية أو دولة بني الأحمر، نسبة إلى مؤسسها أبي عبد الله محمد بن نصر الملقب بابن الأحمر ... وكان في أول أمره فارسا يعمل في خدمة بني هود أصحاب شرق الأندلس، ثم ضبط قاعدة أرجونة وحصنها وانتهز فرصة ضعف بني هود فاستقل عنهم، وأخذ يوسع حدود مملكته، فاستولى على جيان وأطاعته بياسة ووادي آش ومالقة وغرناطة، ثم نقل مركز دولته إلى ذلك البلد الأخير، واختار ضاحية من ضواحي غرناطة تقوم على تلال حمراء على ضفة نهر حداره أحد نهيرات نهر شنيل المتفرع من الوادي الكبير، وهناك أنشأ حصونا وقصورا وزودها بكل ما يلزم المدن، وتلك هي المعروفة بالحمراء، ونقل إلى الحمراء مركز الحكم، وأدار عليها وعلى غرناطة سورا، وتكشف عن كفاية إدارية وعسكرية مكنت له من تدعيم أسس الدولة التي أنشأها وقدر لها أن تكون آخر معاقل الإسلام في إسبانيا، واستمرت تقاوم عناصر الفناء المحيطة بها والمتأصلة في كيانها 254 سنة ابتدأت من سنة 1238 وانتهت في يناير سنة 1492، وانتهى معها سلطان الإسلام في شبه الجزيرة الأيبيرية بعد أن دام 781 سنة.
وقد زهت الأندلس في أيام بني نصر وظهر فيها الشعراء والأدباء على نحو ما كانت عليه في أيام عبد الرحمن الناصر، لكن الإسبان ما زالوا يهاجمون المسلمين ويناوئونهم وهم يدافعونهم إلى أواخر القرن التاسع للهجرة فهاجم غرناطة فرديناند وإيزابلا سنة 897 / 1492 ففر ملكها أبو عبد الله وهو محمد الحادي عشر من تلك الدولة، فانقضت بفراره دولة المسلمين في الأندلس.
وللأندلس شأن عظيم في التاريخ الإسلامي، فقد نبغ فيها العلماء والشعراء وأنشئت فيها المدارس والمكاتب وشيدت الأبنية والقصور، وسنأتي على كل شيء في موضعه.
الدولة الفاطمية
نشأت هذه الدولة في بلاد المغرب، وهي تنتسب إلى السيدة فاطمة بنت الرسول
صلى الله عليه وسلم
عن طريق جعفر الصادق، وأول من ظهر بالدعوة منهم عبيد الله المهدي في أواخر القرن الثالث للهجرة، ولذلك فهي تسمى أيضا العبيدية، وقد أعانهم على نيل الخلافة رجل اسمه أبو عبد الله الشيعي نحو ما فعل أبو مسلم مع العباسيين، فلما استتب لهم الأمر قتلوه كما فعل المنصور بأبي مسلم، وامتد سلطانهم في أواسط القرن الرابع إلى مصر على يد القائد جوهر الصقلي، وكانت مصر في حوزة العباسيين ففتحها جوهر الصقلي وبنى فيها مدينة القاهرة نحو سنة 360ه وسميت القاهرة المعزية، نسبة إلى المعز لدين الله أول من جاء مصر من الخلفاء الفاطميين، وتناوبها خلفاؤه بعده حتى أصابهم ما أصاب الدولة العباسية في بغداد من الاستكثار من جند الأتراك والمغاربة والسودان ومن إليهم.
باب النصر من أبواب القاهرة.
وقد بدأ الفاطميون حكمهم في مصر بدءا طيبا وعرفت في أيام المعز لدين الله (341 / 952-365 / 975) والعزيز بالله (365 / 975-386 / 996) والحاكم بأمر الله (386 / 996-411 / 1020) رخاء عظيما واستقرارا لم تعرفه منذ سنوات طويلة، واتسعت حدودها حتى شملت الشام والحجاز واليمن وبرقة، بالإضافة إلى إفريقية (تونس) التي كانت تدين بالولاء للفاطميين، وقد استمر هذا الازدهار حتى منتصف خلافة المستنصر بالله (427 / 1035-487 / 1094)، ثم توالت عليها الأزمات والمتاعب بسبب سوء السياسية الاقتصادية التي جرى عليها الفاطميون من ناحية، ثم إسرافهم في استخدام جند الأتراك والمغاربة والسودان، وتنازع طوائفهم فيما بينهم، حتى انتهت البلاد إلى حال من الضعف والاضطراب لم تعرفه فيما سلف من عصورها الإسلامية، وأضيفت إلى ذلك كوارث طبيعية كانخفاض مستوى الفيضان سنين متوالية، مما ذهب بالرخاء جملة، فتوالى الغلاء والمجاعات، وعجز الناس عن دفع الضرائب وازدادت مطالب الجنود وفتك بعضهم ببعض، مما هوى بالبلاد إلى درك سحيق من الفوضى والفقر البالغ.
Неизвестная страница