История исламской цивилизации (Часть первая)
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
Жанры
سبب تلك النهضة
بينا في ما تقدم استعداد العرب العدنانية للنهوض وأهليتهم للتمدن، لما فطروا عليه من صفاء الذهن وسرعة الخاطر، ولكنهم لم يكونوا يستخدمون تلك القوى لاشتغالهم بالغزو وقعودهم عن طلب العلا مع بعدهم عن العالم المتمدن، والإنسان تظهر قواه بالاحتكاك أو الضغط شأن القوى الطبيعية، فالفرد لا يسعى في طلب العلا غالبا إلا إذا عضه الفقر فأحوجه الرزق أو نافسه منافس في أمر يبعث إلى الاستئثارية.
أما الأمم فإنما يدعوها إلى طلب العلا الحروب الخارجية أو الثورات الداخلية، والأولى أكثر تأثيرا لما يرافقها غالبا من الاختلاط بالأمم الأخرى، وفي ذلك من الاحتكاك ما يدعو إلى الاقتباس والمنافسة، وفي التاريخ شواهد كثيرة على ذلك.
غزو الحبشة
ومن هذا القبيل ما أصاب العرب في القرنين الأخيرين قبل الإسلام، كان عرب الحجاز قبل الإسلام يدينون بالطاعة لدولة حمير اليمنية، وكانوا يؤدون لها الإتاوة، ثم غزا الأحباش اليمن في القرن الرابع للميلاد وبعده، وتغلبوا على الحميريين فقلت هيبتهم في قلوب العدنانيين.
لكن هؤلاء ظلوا على الطاعة بعامل الاستمرار، فاتفق أن الحميريين شددوا في طلب الإتاوة في سنة جدب وضيق فضاق العدنانيون ذرعا وتحدثوا في الخروج عن الطاعة، وأول من فعل ذلك قبيلة ربيعة في أواخر القرن المذكور واقتدى بها غيرها
6
فكان ذلك من بواعث استنهاض الهمم.
خرطوش بحرف المسند ... فيه أسماء أبرهة وأراحميس وزبيمان من قواد الأحباش في اليمن.
ثم غزا الأحباش الحجاز في أواسط القرن السادس للميلاد، يريدون فتح مكة والاستيلاء على الكعبة، وكانت سدانتها يومئذ إلى عبد المطلب جد النبي فجاء الأحباش بأفيالهم ورجالهم وعدتهم، وأهل مكة لم يتعودوا شيئا من ذلك، لما للكعبة من المنزلة الرفيعة في نفوس القبائل وغيرهم، فلما رأوا الأحباش قادمين شعروا بما يهددهم من الخطر، وأحسوا بافتقارهم إلى الاتحاد لدفع الأجانب عنهم، فدفعوا الأحباش وقد تنبهت أذهانهم وأخذت مواهبهم في الظهور.
Неизвестная страница