156

История судей Андалусии

تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)

Исследователь

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

Издатель

دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان

Номер издания

الخامسة، 1403هـ -1983م

سنة، أولها هلاك ملك النصارى المسمى بالفنش بن هرانده بن شانجه، وهو بظاهر جبل الفتح حاصرا له، وذلك عاشر المحرم من عام 750 والى هلم. وقلما يعلم أنه جرى بين الملتين مثلها في طول المدة واستصحاب المسالمة. والله أعلم بالمراد من ذلك كله، في الحديث الذي أوردناه، هل هو ما ذكرناه ونبهنا عليه، أم غيره {وعلى كل تقدير، والله تعالى يلطف بالساكن في هذه الجزيرة المنعطفة من البحر الزاخر، والعدو الكافر، ويجعل عافية من بها إلى خير} والعقاص المذكور في الحديث هو داء يصيب الغنم، فتموت بإذن الله. والطاعون سئل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم {فقال: رجس أرسل على بني إسرائيل} وقيل إنه أول ما بدأ بهم في الأرض، ومات به منهم عشرون ألفا. وقيل: سبعون ألفا في ساعة واحدة. وقيل إنهم عذبوا به. وفي الحديث أيضا سئل عليه السلام {عن الطاعون؛ فقال: غدة كغدة البعير، تخرج في المراق والآباط. قال أبو عمر: قال غير واحد: وقد تخرج في الأيدي، والأصابع، وحيث ما شاء الله من البدن. وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم} حق وإنه الغالب. وقال الخليل: الوباء الطاعون. وقال غيره: كل مرض يشتمل الكثير من الناس في جهة من الجهات، فهو طاعون. وعن عياض: أصله القروح في الجسد؛ والوباء عموم المرض: فسمى لذلك طاعونا، تشبيها بالهلاك. وقيل فيه غير ما ذكر. وقد شاهدنا منه غرائب يقصر اللسان عن بيان جملة أجزائها. ومنها انتهى عدد الأموات في تلك الملحمة الوبائية بمالقة إلى ما يزيد في اليوم على الألف، بقي بعد ذلك أشهرا حتى خلت الدور، وعمرت القبور، وخرج أكثر الفقهاء والفضلاء والزعماء، وذهب كل من كان قد شرط للقاضي أبي عبد الله إعانته على ما تولاه. وكان من لطف الله تعالى بمن بقي حيا من الضعفاء بمالقة كون القاضي لهم بقيد الحياة، إذ كان قبل ذلك، على تباين طبقاتهم، قد هرعوا إليه بأموالهم، وقلدوه تفريق صدقاتهم؛ فاستقر لنظره من الذهب، والفضة، والحلي، والذخيرة، وغير ذلك، ما تضيق عنه بيوت أموال الملوك؛ فأرفد جملة من الطلبة وفقراء البلدة، وتفقد سائر الغربة، وصار يعد كل يوم تهيئة مائة قبر حفرا، وأكفانهم برسم من يضطر إليها من الضعفاء فشمل النفع به الأحياء والأموات. بقي هو وغيره من أهل القطر على ذلك زمانا،

Страница 156