История пиратства в мире
تاريخ القرصنة في العالم
Жанры
لم يكن دراجوت يستشعر الأمان على نحو كاف في الجزائر لتعرضها المستمر للتهديد من قبل الإسبان، ومن ثم فقد نقل مقر إقامته إلى جزيرة جربة، حيث حوله إلى قلعة حصينة، ومن هنا حقق دراجوت واحدة من أشهر أعماله على صفحة البحر. كان أندريا دوريا قد قام - تدعمه السفن الإسبانية - باحتلال آخر ميناء للقراصنة في القارة الأفريقية، بعد أن أوقع في الأسر الريس خيار ابن أخت دراجوت.
كان من أهم وأثمن الأشياء - من وجهة نظر القراصنة - تلك البحيرة الموجودة في جزيرة جربة، والتي قاموا بتوصيلها بالبحر عبر قناة ضيقة تحرسها عشرات المدافع.
قام دراجوت - بعد أن فقد كل الموانئ في القارة - بكامل أسطوله، واختبأ معه في جزيرة جربة. آنذاك كمن أندريا دوريا - وكان يعرف سر البحيرة - عند مدخل القناة، لكن الأيام والأسابيع مرت دون أن يظهر أي أثر لسفن القراصنة. عندئذ قرر دوريا - بعد أن نفد صبره - المخاطرة، فأرسل بعضا من السفن في عمق القناة، وكانت دهشتهم عظيمة؛ إذ لم تتعرض أي منها لقصف المدفعية، وعلى ذلك فقد واصلت سيرها بهدوء تام حتى وصلت البحيرة، فإذا بها خالية تماما من أي أثر لأسطول العدو. وسرعان ما انكشف سر اختفاء سفن القراصنة. لقد أجبر دراجوت - بعد أن تبين له مدى صعوبة اختراق حصار المسيحيين الذي ضرب حوله - أسراه إلى جانب أطقم سفنه بحفر قناة جديدة، يمكن بواسطتها وصل البحيرة بالساحل المقابل للجزيرة، وعندما أصبحت القناة معدة أخرج أسطوله عبرها إلى البحر.
في عام 1565م لجأ فرسان مالطة - الذين طردوا من ردوس على يد الأتراك ومن بعدها من طرابلس على يد أحد أتباع بارباروسا الثاني - لجئوا للاختباء بمالطة مدافعين بشراسة عنها ضد هجمات الأتراك المتتالية.
تسعة عشر عاما كانت قد مرت منذ وفاة خير الدين، وستة عشر عاما منذ أن بعث دراجوت الروح في أعمال القرصنة من جديد. وها هي الأوامر تصدر من القسطنطينية بدعم حملة تركية جديدة ضد قلعة مالطة، ومثله مثل رئيسه حسن يتسلم دراجوت رسميا العمل في خدمة السلطان التركي.
بلغ قوام الجيش الذي أرسله الباب العالي لضرب مالطة ثلاثين ألف رجل قادهم بيالي باشا، بينما قدم دراجوت من جانبه سفنا ورجالا يبلغ عددهم عدة آلاف من القراصنة الجزائريين. كان مجموع هذه القوات يزيد عما لدى فرسان مالطة بكثير؛ ولذا فقد بدا أن مالطة - وعلى رأس مدافعيها بارسيو دي لافاليتا، وكان قد جاوز السبعين من عمره - لن تستطيع المقاومة.
بعد معارك دامية ومضنية لكلا الجانبين استمرت ستة أشهر، قام دراجوت بهجوم كاسح، أما المدافعون عن القلعة فعبثا كانوا ينتظرون وصول النجدة إليهم، حتى أصبح على وشك الإنهاك التام، وحتى يضمن دراجوت النجاح التام لهجومه؛ إذ به يقف بنفسه على رأس قواته المهاجمة، ولكن حتى أشجع مقاتليه خذلوه إبان المعركة وتركوه يلقى حتفه فيها.
كان لموت دراجوت وقع شديد على بيالي باشا دفعه إلى الخوف من تكبد من مزيد من الخسائر، فسارع بإصدار الأمر بالانسحاب، وخاصة أن رسله القادمين من الجزيرة نقلوا إليه أنباء مفادها أن أسطول أرمادا الإسباني الجبار قد هب لمساعدة مالطة. لقد مرت على هذه الأحداث الآن أربعة قرون، وما تزال عاصمة مالطة تحمل اليوم اسم الرجل الذي دافع عنها: لافاليتا.
في عام 1567م، قام السلطان بتعيين حسن قائدا للأسطول العثماني، تماما كما حدث ذلك في يوم من الأيام مع أبيه خير الدين. وها هو مرة أخرى يغادر الجزائر، ولكن هذه المرة إلى الأبد، وبعد عام واحد تم تعيين محمد بن الريس صلاح بايلربايا مكانه.
في النهاية شغل أولج على أرفع منصب في الجزائر، ليكون بذلك آخر بايلرباي عليها. كان الرجل بلا شك أبرز خلفاء بارباروسا الذين حكموا دولة القراصنة البربر من مارس عام 1568م، وحتى وفاته في السابع والعشرين من يونيو عام 1587م.
Неизвестная страница