История пиратства в мире
تاريخ القرصنة في العالم
Жанры
في يوم الخميس الموافق 20 من يناير عام 1961م، وفي تمام الساعة الثامنة صباحا وصلت «سانتا-ماريا» وعلى ظهرها ستمائة راكب، وطاقم مكون من ثلاثمائة وخمسة عشر فردا إلى ميناء لاجوايرا. في هذا الوقت كان الثوار البرتغاليون قد انتهوا من استعداداتهم التي جرت على نحو ساده الاضطراب والعجلة. وفي بيت أحد المتآمرين - الذي تحول إلى مقر أركان للحرب - نسي الجميع عددا من صناديق الأسلحة والذخائر، كان من المخطط شحنها على السفينة، لكنهم نجحوا في نهاية الأمر من الصعود إلى السفينة، ونقل الشحنة من كاراكاس إلى لاجوايرا.
لما كان من الصعب توفير المال اللازم لشراء التذاكر لجميع المشتركين في العملية، فقد صعد جزء من الثوار إلى السفينة بعد أن أبرزوا التصاريح الخاصة بالزيارة، وظلوا بها إلى ساعة الرحيل الحاسمة، ليختفوا عليها، ويسافروا «خلسة». أما القبطان جالفاو فقد كان عليه أن يجد طريقة للصعود على السفينة، إذ مجرد ظهور اسمه على قائمة الركاب المتوجهين إلى البرتغال كان من الممكن أن يثير سحابة من الشكوك. وبهذا فقد استقل جالفاو طائرة في الصباح، حلقت به إلى ميناء كيوراساو الواقع في جزيرة في خليج فنزويلا غير بعيد عن كاراكاس، حيث كان عليه أن ينضم مع ثلاثة آخرين إلى بقية رفاقه على السفينة يوم 21 يناير.
في كيوراساو نزل جالفاو في فندق «برياس»، واختار لنفسه غرفة يطل من نافذتها على القناة التي تعبرها السفن الداخلة إلى الميناء. إبان تناوله طعام الغذاء استمع جالفاو - بمحض الصدفة - إلى حديث اثنين من العاملين بالميناء، علم منه أن «سانتا-ماريا» قد أصابها عطل في التوربين، وقد انتاب القبطان قلق بالغ من جراء هذه الأنباء، التي إن دلت على شيء؛ فإنما تدل على أن المعلومات التي حصل عليها الثوار ليست مكتملة إلى حد كبير، وقد اتضح فيما بعد أن الثوار لم يكونوا على علم بالخلل الذي أصاب التوربين، فضلا عن عطل آخر أصاب الماكينات، الأمر الذي سيترتب عليه حتما ألا تتمكن السفينة من زيادة سرعتها. على أن الأسوأ من ذلك كله أنه لم يكن هناك تصور لدى المشتركين في العملية عن مخزون المياه، أو الوقود على السفينة.
الشخص الوحيد الذي كان على علم بعملية «دولتسينية»، والذي لم يشترك فيها بنفسه كان هو الجنرال ديلجاو رئيس جبهة التحرير البرتغالية القومية.
منذ الصباح الباكر ليوم السبت الموافق 21 يناير أخذ القبطان جالفاو في مراقبة السفن الداخلة إلى الميناء، وعندما بلغت الساعة التاسعة والنصف انفتح الجسر المتحرك على القناة، لتدخل «سانتا-ماريا» تتهادى حتى استقرت على بعد ما يقرب من مائة متر فقط من نوافذ الفندق. عندما نظر جالفاو في منظاره المقرب ليستطلع رجاله على ظهر السفينة لم يجد أحدا منهم.
كان القبطان قد اتفق مع مساعده سوتوماير عشية إبحار السفينة، على أن يصعد الأخير على سطحها مع عدد من الثوار أصحاب التذاكر، ثم يتم بعد ذلك وضع التفاصيل الأخيرة للعملية، كانت المعلومات التي حصل عليها سوتوماير مبشرة، فقد قام بفحص السفينة وجميع البيانات الضرورية، كما جرت عمليات ركوب الأفراد والشحنات في ميناء لاجوايرا بنجاح تام، ولم يتبق سوى فرد واحد وصندوقين يحويان مواد خاصة بالقنابل اليدوية وأسلاكا، هكذا دخلت «عملية دولتسينية» مرحلتها الحاسمة.
استطاع جالفاو وثلاثة من رفاقه الحصول - بمساعدة أحد الموظفين في الوكالة البحرية في كيوراساو - على ثلاثة تصاريح لزيارة السفينة، ولما كان القبطان شخصية شهيرة في البرتغال، فقد كان لزاما عليه أن يتخذ بعض الإجراءات الوقائية. كانت السادسة مساء هي موعد مغادرة السفينة، بينما كان على جالفاو أن يكون على متنها في الساعة الرابعة والنصف. اتجه جالفاو ناحية سلم السفينة في الوقت الذي تزاحم عليه عدد من الركاب، وكان يضع على رأس قبعة، أنزل حوافيها على وجهه. لم يسأله أحد عن التصريح الذي يحمله، وما هي إلا دقائق حتى كان القبطان يجلس في غرفة من الدرجة السياحية مجهزة لأربعة أشخاص، ومن الطبيعي أن يكون مرافقوه في الغرفة من رفاقه الذين يحملون تذاكر سفر.
في المساء بدأت الاستعدادات الأخيرة للعملية، فتحت الصناديق، وتم توزيع الأسلحة. ومرة أخرى يتم الاتفاق وتنسيق التفاصيل الأخيرة للاستيلاء على السفينة. في الساعة الواحدة وخمس وأربعين دقيقة بعد منتصف الليل أعطى جالفاو إشارة بدء العملية، فتوجهت فرقة الهجوم بقيادة سوتوماير لاحتلال غرفة اللاسلكي ومركز قيادة السفينة وبرج الملاحة. في نفس الوقت كانت هناك جماعة أخرى بقيادة جالفاو نفسه مكلفة بالهجوم على السطح، حيث كانت توجد غرف قبطان السفينة وطاقمها.
كان الثوار قد قرروا أن يحققوا أهدافهم دون إراقة للدماء، معولين على النجاح في ذلك بواسطة مباغتة الطاقم. على أن فرقة سوتوماير قد تعرضت لمقاومة مفاجئة من جانب أحد ضباط الحراسة، وذلك بعد أن نجحت في الاستيلاء على غرفة اللاسلكي بسهولة بالغة. وقد أعلن جالفاو فيما بعد أن هذا الضابط كان الوحيد من بين أفراد الطاقم الذي كان يتمتع بقدر عال من الشجاعة، وقد انتهى تبادل النيران الذي جرى آنذاك في الظلام بمصرع الضابط وإصابة رفيقه بجراح.
دفع الصدام المسلح الذي جرى على سطح السفينة بالكابتن جالفاو لتغيير خططه الأولى، وتراجعه عن الهجوم على غرف الضباط، فتوجه إلى غرفة القيادة مع فرقته، بعد أن أغلق وراءه المخرج الوحيد الذي يمكن للضباط من خلاله الصعود إلى السطح. كانت غرفة القيادة قد وقعت بالفعل في يد الثوار عندما دق جرس الهاتف بها. رفع جالفاو السماعة، كان القبطان يستفسر عن إطلاق النار على سطح سفينته، وعلى الفور شرح جالفاو الموقف بقوله: سيادة القبطان، أرجوك أن تحتفظ بهدوئك، لم يحدث هناك أي أمر غير عادي، سوى أنني قد استوليت على مقاليد الأمور في سفينتك، لا جدوى من المقاومة، وإنني أدعوك للاستسلام.
Неизвестная страница