История Наполеона Бонапарта
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Жанры
فهتف أعضاء الجوقة جميعهم قائلين: «أقسم!» ودوى الهتاف «ليحي الإمبراطور!» تحت شرفات الهيكل. وفي اليوم التالي استلمت المدرسة الحربية نظاما جديدا. وبعد يومين ذهب نابوليون من باريس ليزور شواطئ المانش ويستكشف المعسكرات التي أنشأها هناك. وكان قد أذاع أن الغاية من هذا السفر إنما هي توزيع أوسمة الشرف على البسلاء الذين لم يحضروا حفلة الأنفليد، إلا أن الحقيقة هي أن هذا التوزيع لم يكن سوى حجة، وأن نابوليون إنما كان يرمي إلى تحقيق خطته المنشودة وهي الزحف إلى إنكلترا.
كانت الكتائب في الشواطئ تمتد من الأيتابل حتى أوستاند، وكان دافو يقود فرقة في دونكرك، وناي في كاله، وأودينو في سنت أومار، ومارمون على حدود هولاندا، وسول في معسكر بولونيا العام.
عندما وصل الإمبراطور إلى هذه المدينة الأخيرة وجد الجيش طافحا نشاطا وغيرة؛ إذ إن الجنود والقواد كانوا يخالون نفوسهم على وشك أن يجتازوا المضيق. وكان هناك خمسمائة مركب يقودها الأميرال فرهويل تتراءى أنها لا تنتظر إلا إشارة لتتجه إلى مرافئ بريطانيا العظمى. كان نابوليون وحده يعرف سر تعيين هذه المعسكرت الهائلة. وكان يرى صواعق جديدة تتأهب على البر، وفي حين كان يظهر مستغرقا في تجهيزات حملة بحرية هائلة كان يعد العدة لحرب برية لم يكن بد من انطلاقها.
تجمع ثمانون ألف رجل من معسكري بولونيا ومونترويل تحت أوامر المرشال سول، في سهل واسع، على مقربة من برج القيصر. وظهر الإمبراطور بينهم محاطا بفرقة من الضباط تضم خيرة قواد هذا العصر الكبير، ثم استقر على مرتفع كأن الطبيعة جعلته له عرشا، وكرر بصوت قوي الخطبة التي وجهها إلى أعضاء جوقة الشرف في حفلة الأنفليد، لم يكن كلامه في باريس أقل منه عظمة في بولونيا؛ فإنه هيج هيجانا عموميا أدب الغبطة في قلب بونابرت حتى إن القائد راب صرح بعد ذلك أنه لم ير نابوليون في تلك الحالة من الفرح.
هذا النهار المشهود عكرت صفوه في المساء عاصفة هائلة خشي منها خطر على قسم من المراكب، فأسرع الإمبراطور في الحال إلى المرفأ ليعطي أوامره باتخاذ الاحتياطات والوقوف على تنفيذها، ولكن عندما وصل هدأت العاصفة كأن العناصر أذعنت أيضا إلى نفوذ الرجل العظيم وسحر نظراته القاهرة. دخلت المراكب سالمة إلى المرفأ، وعاد نابوليون إلى المعسكر حيث استسلمت الكتائب للغبطة والطرب، وختم المهرجان بنيران اصطناعية أرسلت على الشاطئ وشوهدت أشعتها من شواطئ إنكلترا نفسها. بينما كان نابوليون مقيما بمعسكر بولونيا هرب بحريان إنكليزيان، كانا أسيرين في مستودع فردون، وبلغا إلى بولونيا حيث بنيا مركبا صغيرا ببعض أخشاب سمراها بعضها على بعض سولت لهما نفسهما ركوبه إلى إنكلترا. عندما أنجز عملهما ركب النوتيان البحر وحاولا اللحاق ببارجة إنكليزية كانت تجول بمرأى من الشواطئ، إلا أنهما ما كادا يسيران قليلا حتى ألقي القبض عليهما وسيقا إلى المرفأ، ثم مثلا أمام الإمبراطور الذي طلب أن يراهما مع المركب لما أحدثاه من الضجة بجرأتهما النادرة على اقتحام الخطر.
تأملهما الإمبراطور هنيهة وسألهما قائلا: أحقيقة أنكما تحاولان عبور البحر بهذا المركب؟ فأجاباه: إن كنت تشك في ذلك يا صاحب الجلالة، فإيذن لنا ترنا نذهب. - بطيبة خاطر، إنكما لجسوران، وإني لأعجب بالشجاعة حيثما كانت، ولكني لا أريد أن تخاطرا بروحيكما؛ أنتما حران، إلا أني أود أن أقودكما إلى مركب إنكليزي. ستقولان في لوندن أي احترام أحفظه للبسلاء حتى ولو كانوا أعدائي.
هذان الرجلان اللذان كانا أعدما كجاسوسيين لو لم يحضرهما الإمبراطور إليه لم ينالا حريتهما فحسب، بل إن نابوليون أعطاهما فوق ذلك كثيرا من القطع الذهبية، ولقد شعر بلذة فيما بعد أن يطلع رفاقه المنفيين في سنت هيلين على هذا الصنيع.
قلنا إن الإمبراطور كان يتوقع حربا برية قريبة؛ لأنه أدرك أن مداولة أوروبا الملوكية، وإن غيرت لهجتها وأطماعها تحت ضغط القوى الفرنسية المنتصرة، إلا أنها لم تغير ميولها ومبادئها، وإن دسائس الديوان الإنكليزي سيقدر لها من يوم إلى يوم أن تجر بلاط فيينا وبطرسبرج وبرلين إلى مؤامرة جديدة ضد فرنسا. ولقد شعر بهذه الاستعدادت العدوة كل من أدرك تنافر دولة فرنسا الثورية مع باقي الدول أصحاب الملكية القديمة. إلا أن نابوليون كان يدرك أيضا، وبنوع أكيد، ميل الدواوين النمسوية والروسية والبروسية للحرب، والثمانون ألف الرجل الذين كانوا أمامه في معسكر بولونيا إنما وجدوا هناك ليساعدوه على ملافاة ما قد يحدثه ذلك الميل الحزبي، ثم إنه أخذ ينشئ ببقايا جنود الجمهورية نواة الجحافل الإمبراطورية الذين قدرت لهم الحكمة أن يمروا بجميع عواصم أوروبا. كان هؤلاء دائما جنود الماضي وقواده نفوسهم، كانوا رجال القرن الثامن وصفوة روحه، كانوا أبناء الثورة البررة! كان معسكر بولونيا مهد ذلك الجيش الكبير الفاتح المجدد الذي، بعد أن مر عليه عشر سنوات من الانتصارات المدهشة الغريبة، وجد في ساحة واترلو قبرا حفرته الخيانة والقدر عززه بشجاعته مؤثرا الموت على الاستسلام.
إن الاستعدادات العسكرية التي كانت تشغل الإمبراطور لم تمنعه عند ذلك من الاهتمام بالتنظيمات المدنية. فلقد وضع في وسط استعراضات معسكر بولونيا جوائز مهمة كما يلي:
نابوليون، إمبراطور الفرنسيين
Неизвестная страница