История Наполеона Бонапарта

Альфонс де Ламартин d. 1366 AH
181

История Наполеона Бонапарта

تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١‎‎

Жанры

كان الإمبراطور لا يزال يرى نفسه، على ما هو عليه من الهزال المستمر، قادرا على النهوض من فراشه من حين إلى آخر، إلا أنه لم يشأ أن يحمله أحد من أوفيائه، فقال لهم ذات يوم، وقد حاولوا أن يحملوه من غرفته التي أراد أن ينتقل منها إلى غرفة أخرى أطلق هواء: «لا، بل عندما أموت، أما الآن فيكفي أن تساعدوني.» وذات يوم طلب إليه الدكتور أنتومرشي، وقال له بسكون تام: «بعد موتي، الذي قرب كثيرا، أريد أن تشرح جثتي وألا تسمح لطبيب إنكليزي بأن يمد يدا إليها. أما إذا احتجت إلى مساعد، وكان لا بد منه، فالطبيب أرنولت هو وحده الذي يؤذن له بمساعدتك. أرغب إليك أن تأخذ قلبي فتضعه في روح الخمر، وتذهب إلى حبيبتي ماري لويز في بارم. ستقول لها: إنني أحببتها كثيرا ولم أقف يوما عن حبي إياها، وتطلعها على جميع ما شاهدت وجميع ما يتعلق بحالتي وبموتي، ثم إني أوصيك بأن تفحص معدتي فحصا مدققا، وتكتب عنها شهادة صريحة، مطولة، تسلمها إلى ولدي ... فالتقيؤ المتواصل يجعلني أعتقد أن المعدة، هي العضو الأكثر مرضا من جميع أعضائي، ولا يبعد أن تكون مصابة بالداء نفسه الذي حمل والدي إلى القبر، أريد أن أعني أنها مصابة بورم.

عندما أموت تذهب إلى روما، حيث تشاهد والدتي وجميع أسرتي؛ ستطلعهم على جميع ما لاحظت في ما يتعلق بحالتي، بمرضي وبموتي على هذه الصخرة الموحشة! ستقول لهم إن نابوليون الكبير قد أطلق أواخر أنفاسه في أشد حالة من حالات البؤس، محروما من كل شيء إلا من مجده، ستقول لهم إنه ألقى، وهو يموت، عار ساعته الأخيرة على جميع الأسر المالكة.»

إلا أن الهذيان ما لبث أن أقبل يشترك مع الحمى، فكأن ذلك الذكاء الغريب، الذي ظهر في العالم كأنه مشتق من الذكاء الإلهي، خضع لشرائع البشر. صرخ نابوليون في نزوة من نزوات الهذيان قائلا: «ستنجل، دوزه، ماسينا! آه! إن النصر قد تحقق! هيوا! أسرعوا! إلى الهجوم!» ثم قفز إلى الحضيض وأراد أن يخرج إلى الحديقة، فسقط إلى الوراء، في حين كان أنتومرشي مسرعا لأخذه بين ذراعيه. ولما سكنت سورة الهذيان وخفت وطأة الحمى، ظهر الرجل العظيم بهدوئه المعتاد وقال لأنتومرشي : «تذكر ما عهدت به إليك عندما أموت. افحص جثتي فحصا مدققا، ولا سيما المعدة، فلقد قال لي أطباء مونبللييه: إن الورم سيكون وراثيا في أسرتي ... يجب أن أنقذ ابني، على الأقل، من هذا المرض العضال. ستشاهده يا دكتور، وتقول له ماذا يجب أن يعمل، هذا آخر رجاء أنتظره منك.» وفي الثاني من شهر أيار، ظهرا، عاودته الحمى فقال لطبيبه مطلقا تنهدة عميقة: «أشعر بألم يا دكتور، فسأموت!» ولم يكد يتلفظ بهذه الكلمات، حتى فقد الرشد.

كان الكاهن فينيالي ينتظر كلمة من الإمبراطور ليقوم بواجبه الكهنوتي، فهذه الكلمة خرجت من شفتي الرجل العظيم في الساعة الثانية من بعد ظهر الثالث من شهر أيار. كانت الحمى قد سكنت قليلا، فأخرج جميع الناس من غرفة نابوليون، إلا الكاهن الذي ناوله القربان المقدس.

وبعد مرور ساعة زادت الحمى، إلا أن المريض بقي محتفظا بحواسه فأوصى القواد برتران ومونتولون ومرشان بألا يسمحوا لطبيب إنكليزي إلا الدكتور أرنولت أن يدنو منه ساعة يفقد الرشد، ثم قال لهم: «لقد دنت ساعة موتي، ولكن لدي ما أوصيكم به قبل فراقي الحياة. كما أنكم شاطرتموني النفي، هكذا ستكونون أمناء على اسمي فلا تفعلون شيئا يجرحه. لقد أثبت جميع المبادئ، وأنزلتها في شرائعي وأعمالي، إلا أن الظروف كانت صارمة لسوء البخت، فحرمت فرنسا من التعاليم الحرة التي هيأتها لها. كونوا أمناء على الأفكار التي دافعنا عنها والمجد الذي اكتسبناه، فما خارج ذلك إلا العار والمقت!»

وفي الليلة التالية هبت زوبعة هائلة في سنت هيلين فاقتلعت جميع أشجار لونكوود، ولم تبق على الصفصافة المحبوبة، التي كان ظلها العميق يحجب عن نابوليون حرارة الشمس في نزهاته اليومية.

في الرابع من شهر أيار كان الإمبراطور يواصل نزعه، وفي اليوم التالي، عند بزوغ الفجر، كان جسده يبشر بأن الروح تفارقه، وقد بدأ يثلج شيئا فشيئا، إلا أنه لا يزال يتنفس، ولا يتلفظ في هذيانه بسوى هاتين الكلمتين: «رأس ... جيش»، دنت الساعة الرهيبة، وقرب تنفيذ «المأرب الإنكليزي»، وستهتز أوروبا القديمة! إن بطل فرنسا الفتاة يلامس نهاية حياته العجيبة، فهو على وشك أن يطلق آخر نفس من أنفاسه، وهدسن لوو هو هنا يرقب أنفاسه، وقد عيل صبره؛ ليعلن إلى الأريستوقراطيين والملوك والمتسلطين أن واجبه قد تمم إلى النهاية، وأن الضحية قد حصلت.

إلا أن مشهدا يمزق الفؤاد جاء يسم ساعات البطل الأخيرة؛ فإن السيدة برتران، وهي مريضة أيضا، قد نسيت آلامها الشخصية وجاءت تحضر موت نابوليون، صاحبة معها ابنتها وأبناءها الثلاثة، الذين رغبوا في مشاهدة ملامح الرجل العظيم للمرة الأخيرة. عندما وصل هؤلاء الأولاد إلى سرير الإمبراطور تراموا عليه، مقبلين يده، ومرطبيها بالدموع، أما برتران الصغير، وهو أحد الأبناء الثلاثة، فقد أغمي عليه من شدة الألم. في تلك الساعة كان الجميع في حالة من الحزن لا توصف، ولم يكن يسمع إلا تنهدات وشهقات ... إن حادثا خطيرا يتهيأ للعالم ... في الساعة السادسة إلا الدقيقة الحادية عشرة فاضت روح نابوليون.

بعد أن شرحت جثة الإمبراطور، وضعت على سرير هناك، وغطيت بالوشاح الأزرق الذي كان البطل يرتديه في معركة مارنغو. بقي سكان الجزيرة مدة يومين متألبين حول ذلك الكفن المجيد؛ ولما نقل رفات الرجل العظيم، أخذ الجميع يتسابقون للحصول على كل شيء لامسته يده ليجعلوه ذخيرة ثمينة.

كان الثامن من شهر أيار ميعاد جنازة نابوليون، فدفن في مكان يبعد فرسخا عن لونكوود. أما قبره فأصبح، منذ اليوم الأول، قبلة التعظيم والإكرام، إلا أن هدسن لوو، عنصر الأحقاد التي كان عليها أن تتبع ابن الثورة الفرنسية العظيم إلى ما وراء القبر، لم يجد مفيضا من استشعار السخط لدى هذا المشهد، فوضع حول القبر حرسا دائما ليمنع أيا كان عن الدنو منه، ولكن مقر البطل الأخير لم يفرغ من الزوار، بالرغم من الاحتياطات التي اتخذت له.

Неизвестная страница