История Наджда и его приложения
تاريخ نجد الحديث وملحقاته
Жанры
ولكنه ثبت في مراكزه واستعاض عن القتال بالمناوشة والمخادعة إلى أن جاءته النجدات من المدينة والذخيرة والمؤن من القصيم، وكان قد شاع أن أباه جهز محافظ الإسكندرية بحملة ليرسله إلى نجد، وقد ولاه القيادة العامة؛ فأثار هذا الخبر غضب إبراهيم وحميته، فحمل على أهل الدرعية في متاريسهم وفي معاقلهم، وفي أبراجهم، وفي بيوتهم، حملات شعواء استخدمت فيها المدافع الضخمة، والقبوس النارية، والبنادق والسيوف، ثم أحاطت جيوشه بالمدينة واحتلت حيا من أحيائها فبدأت تتزعزع عزيمة المدافعين، فطلب فريق منهم الصلح، فأبى إبراهيم إلا أن يسلم عبد الله بن سعود.
رفض آل سعود ونهضوا نهضة واحدة يستأنفون القتال فحملوا على الجنود المحتلين قسما من المدينة، فذبحوا عددا كبيرا منهم وأخرجوا الباقين، ذلك تمهيدا لصلح شريف، ولكن إبراهيم أدرك قصد العدو فأفرغ كل ما لديه من المدافع على الدرعية وقصورها ومعاقلها حتى وعلى المسجد الجامع فيها.
وكان ذلك في آخر الشهر الخامس من الحصار فاضطرمت في المدينة النيران بعد أن هلك كثيرون من أهلها
28
وتفرق كثيرون من المجاهدين، فخرج عبد الله بن سعود إلى إبراهيم باشا في اليوم الثامن من ذي القعدة (9 سبتمبر) فاستقبله إبراهيم في خيمته (1233ه / 1218م)، فقال عبد الله: «ما غلبتنا جنودك، إنما الله أراد ذلنا.»
سلمت الدرعية وأرسل عبد الله ومعه بعض رجاله وعبيده بمحافظة أربعمائة من الجنود إلى المدينة، ومنها إلى القاهرة، فوصلها في 18 محرم 1234 /18 نوفمبر 1818، ومثل بين يدي محمد علي، فسأله رأيه بابنه إبراهيم، فقال: «هو عمل واجبه، ونحن عملنا واجبنا، وما شاء الله كان.»
لم يلبث عبد الله غير يومين في القاهرة، ثم أرسل أسيرا إلى الآستانة ومعه كاتب سره ورجل آخر من رجاله كرها أن يفارقاه، وهناك عند وصولهم طوفوا بالأسواق ونفذ فيهم في اليوم الثالث حكم الإعدام.
أما إبراهيم فعندما دخل الدرعية أمر بالقبض على بعض الزعماء والعلماء ونكل بهم تنكيلا شنيعا؛ فمنهم من طرحوا مقيدين تحت سنابك الخيل، ومنهم من وضعوا مكبلين عند فوهة المدفع فقطعهم إربا إربا «طير أوصالهم في الفضاء»، قال ابن بشر: «وكان الشيخ العلامة القاضي أحمد بن رشيد الحنبلي صاحب المدينة في الدرعية عند عبد الله، فأمر الباشا بضربه وتعذيبه وقلع جميع أسنانه فقلعت.» وقال المؤرخ الإفرنسي: «سام الشيخين أحمد الحنبلي وعبد العزيز بن محمد عذابا شديدا، ولكنه ندم بعد ذلك على استرساله في غضبه.»
ولم تكن هذه خاتمة المظالم والفظائع التي ارتكبها الظافر تأديبا وانتقاما. قيل إن محمد علي هو الذي أمر بتدمير الدرعية، ولو سئل محمد علي لقال: إن الأمر جاءه من الآستانة. فقد طالما تذرع الأب والابن بالأوامر الشاهانية في تنكيلهم بالعرب، على أن هذا الأمر يشين صاحبه أيا كان. ولا فضل للظافر في تنفيذه، ولا مجد، ولا فائدة. ألا ما الفائدة بعد كسرة أهل نجد من تدمير عاصمتهم؟ قد أمر إبراهيم بإخراج من تبقى في الدرعية من أهلها، وكان قد أجلى إلى مصر فريقا كبيرا
29
Неизвестная страница