История Наджда и его приложения

Амин Рихани d. 1359 AH
170

История Наджда и его приложения

تاريخ نجد الحديث وملحقاته

Жанры

ولكن النبي نفسه أنبهم ولم ينفعهم التأنيب، فقد جاء في القرآن:

قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا .

أما الدين عندهم فكالرداء يلبسونه ردحا من الزمن، فيغسلونه مرة أو مرتين ثم يلبسونه مقلوبا، ثم ينبذونه وقد تمزق نبذ النواة: «كيف نتوضأ ونحن نبغي الماء للشرب؟ ولم الصوم والسنة كلها عندنا رمضان؟ ولم الصلاة وليس لله وقت ليسمعنا؟»

وكذلك كانوا في ولائهم لهذا الأمير أو ذاك. فما الفرق وربك بين ابن مقرن مثلا وابن هاشم، أو بين ابن الصباح وابن الرشيد؟ هم كلهم عرب، يقيمون في بلاد العرب، ويغزون غزو العرب، ونحن إن حاربنا مع هذا أو ذاك عرب.

ما تغير البدو منذ أيام الرسول ومنذ أيام مسيلمة وأبي طاهر. دينهم حاجات لذلك الردات. وولاؤهم غايات لذلك الخيانات. وقد تبين لقارئ هذا التاريخ فيما سردناه من حوادثهم، وسجلناه من حروبهم، أنهم لم يتغيروا حتى بداية القرن العشرين. فقد طالما ارتدوا، وخانوا، وعادوا تائبين منذ أيام عبد العزيز الأول إلى أيام عبد العزيز الثاني. وهم كما وصفناهم لا يوالون طويلا، ولا يعادون طويلا. لا يثبتون ولا يسكنون ولا يستقيمون في مسراهم أو في مغزاهم.

البدو سيف في يد الأمير اليوم، وخنجر في ظهره غدا. مجاهدون إذا قيل غنائم، متمارضون إذا قيل الجهاد. وكذلك كانوا عند ظهور عبد العزيز الثاني وفي حروبه الأولى وغزواته. كانوا يحاربون ما زالوا آمنين على أموالهم وأنفسهم، ويفرون شاردين عند أول خطر يلوح؛ لذلك كان ابن سعود يقدمهم في القتال ويدعمهم بالحضر، يحمي ظهرهم ليؤمن انقلابهم وتقهقرهم. فهم إذ ذاك أشداء ثابتون في النضال. وبكلمة أخرى هم شجعان إذا كان لهم ظهر، وإلا فالفالتة لنا والفرار علينا. جاء في أمثال العرب: البدوي إذا رأى الخير تدلى وإذا رأى الشر تعلى. ولكن البدوي وحده يدافع عن نفسه وبعيره حتى الموت وإن كان خصمه قبيلة بأسرها. أما البدوي في الجيش فقد كان مشكل ابن سعود الأكبر.

وقد حل عبد العزيز هذا المشكل بطريقة جديدة لم يسبقه إليها أحد من ملوك العرب قديما أو حديثا، فهو من هذا القبيل المصلح الأكبر في العرب.

أجل قد حارب البدو وغلبهم كما فعل أجداده، وأدخلهم في دين التوحيد كما فعل أجداده، ولكنه لم يقف مثلهم عند هذا الحد. قال: امسكوا الخونة. فقالوا: الفلا منجى. وها هنا نجوة التجلي. فقد تجلت لعبد العزيز الحقيقة التي خفيت على سواه، وهذه الحقيقة هي أن البدو لا يثبتون ، ولا يطيعون، ولا يخلصون، البدو هم بدو، لأنهم لا يملكون شيئا من الأرض، ولا يسكنون بيوتا ثابتة. إذن سنعطيهم أرضا ونساعدهم في بناء البيوت، سننقلهم من البادية إلى المدينة، سنقيدهم بالأرض، ونكبلهم بسلاسل التملك فننفعهم، وإذا أذنبوا نستطيع تأديبهم.

إن هناك كذلك الفكرة الدينية، الفكرة الأولى في الهجر - والهجر جمع هجرة - والهجرة في القاموس ترك الوطن الذي بين الكفار والانتقال إلى دار الإسلام. أما وطن البدو فالبادية، والبادية مهد الشرك، فالهجرة منها إذن هي الهجرة إلى الله والتوحيد. وهي كذلك هجرة مدنية. فمن بيوت الشعر إلى بيوت من لبن وحجر، ومن الفقر والغزو إلى أرض لا تخون صاحبها إذا عمل بها المحراث، ومن الخوف والتحذر إلى طمأنينة لا تهجره ما زال عاملا مفيدا لنفسه ولبلاده.

الداعي إلى الهجرة إذن ثلاثة أمور؛ أي تعليم البدو الدين، ونفعهم بأرض يحرثونها، والاستيلاء عليهم. ليس من السهل أن يألف البدوي الزراعة وقد كان دائما يأنفها. كان سكان البادية يقسمون في الماضي إلى قسمين: البدو والعرب. فالبدو غزاة، والعرب رعاة، ولا أكار بينهم، ولا من يتنازل للعمل في الأرض.

Неизвестная страница