История Наджда и его приложения
تاريخ نجد الحديث وملحقاته
Жанры
بيد أن شيوخ هذه القبائل كانوا يوما أحلافا بعضهم لبعض ويوما أعداء. فقد تصالح مثلا وتحارب السعدون وابن سويط مرتين في مدة قصيرة، وكان ابن الرشيد صديق الاثنين اليوم وعدو هذا أو ذاك منهما غدا.
أما ابن سعود فحاله في سنتي 1329 و1330 / 1911 و1912م حال المصارع الذي يستوي واقفا قبل أن تلمس يده الأرض. وبكلمة أخرى قد كان - على ضعفه - القوة الوحيدة التي لم تستطع الأخصام أن تغير هدفها أو أن تلصقها بالحضيض، بل كان - على ضعفه - يضرب في فترات التنفس الضربات المدوخة، وفيها البرهان أن هناك قوة - وإن نهكت - لا تغلب.
فقد مر وهو عائد من الأفلاج بقبائل من الدواسر عاصين فأدبهم، ثم سار إلى الحساء، بعد أن استراح بضعة أيام في الرياض، فضرب العاصين من العجمان هناك وأحسن التأديب.
1
وبينا هو في جهات الحساء، سمع الشيخ مبارك يستغيث. فقد جاءه وفد من الكويت بكتاب من «والده» مشفوع بذلولين، وجاء في الكتاب: «إني مرسل إليك ذلولي وقد كنت أركبهما إلى الغزو، وأنا الآن عاجز عن الركوب والمغازي ... أنا والدك يا عبد العزيز، والذلولان اللذان شهدا الغزوات والمعارك العديدة هما لك يا ولدي، وهما يطلبان منك أن تأخذ بثأر والدك من ابن السعدون.»
فأجاب عبد العزيز أن مشاكله كثيرة وعشائره متقلبة، فيخشى الخيانات بعد أن اجتمع له الأمر في بلاده. وهو يضطر والحال هذه أن يستخدم كل ما لديه من قوة في معالجة مشاكله الداخلية، ومنها في ذاك الحين مسألة تركي بن سعود العرافة الذي انحدر إلى الحساء من الخرج، كما قلت في الفصل السابق، يستنهض العجمان. وقد انضم إليه آل سفران فخذ منهم.
لم يهم الشيخ مبارك ذلك، فرفض عذر عبد العزيز، ولكنه كان يحسن التأوه والاستغاثة، فكتب ثانية إلى «أولدي»: «أنا أصيح وأناديك، وأنت يا ولدي تصم أذنك. أبمثل ذلك يعامل الوالد؟ أتهجرني يوم شدتي فيساعد هجرك العدو علي؟ اسمعني يا ولدي يا عبد العزيز، اسمعني أصيح وأناديك ... إلخ.»
سمع عبد العزيز فاستنفر عشائره ليلبي النداء، ومشى بعد ذلك بجيش مؤلف من ألف وخمسمائة من الحضر وخمسة آلاف من البدو، يصحبه اثنان من أبناء الصباح، هما سليمان الحمود وعلي الخليفة. راح ينتقم «لوالده» من ابن السعدون وابن سويط.
وكان قد أعلم الشيخ مبارك بمسيره وأنه سينزل الحفر، ولكن العدو أثناء ذلك انقسم قسمين، فاحترب أهل الظفير وأهل المنتفق بعد أن كانوا متحالفين، ولذلك أسباب عربية وتركية؛ أما العربية فهي مألوفة وتكاد تكون طبيعية، وأما التركية فمنشؤها النزاع بين الاتحاديين والائتلافيين. وقد كان هذا النزاع يمتد إلى العشائر بواسطة رؤسائها، فيتذرعون به ليثأر بعضهم من بعض، وندر فيهم من ليس له ثأر على الآخر.
علم الشيخ مبارك بما جرى بين عدويه. وبما أن حمود بن سويط كان أميل إلى الائتلافيين منه إلى خصومهم، فقد كتب إليه يخبره أن ابن سعود زاحف عليه ويحذره منه. إنه لانقلاب سريع، مدهش، منكر. علم به عبد العزيز آسفا متجملا، وعلم كذلك أن القصد منه أن يسترضي مبارك بن سويط ويستعين به على الاتحادي سعدون.
Неизвестная страница