لبلاد بابل، واستيلاء قورش
Cyrus
عليها، بل تعدى ذلك إلى تحديد زمن تأليفه في حكم بختنصر الثاني
Nabuchodonosor
لتلك البلاد، ويرى ما ير العالم المؤرخ رأيا آخر بعد استدلالات كثيرة، وهو أنه إذا كلف تعيين الزمن الذي وضع فيه كتاب الفلاحة النبطية، فإن ذلك الزمن لا يتعدى القرن الأول من التاريخ الميلادي، أي متأخرا عن الزمن الذي حدده كترمير بسبعة أو ثمانية قرون.
ولأرنست رينان بحث مستفيض وافي في كتاب الفلاحة النبطية عنوانه:
An essay on the age and antiquity of the book of Nabathaean agriculture
نشره في لندن سنة 1862م.
ومن رسالة رينان هذه اقتبسنا ما ذكرنا من الآراء، وناقل كتاب الفلاحة النبطية إلى العربية، هو أبو بكر أحمد بن علي بن المختار بن عبد الكريم بن حريثا بن بدينا من بوراطيا بن علاطيا الكسداني الصوفي، من أهل قسين (بلدة من نواحي الكوفة)، وكان يدعي أنه ساحر يعمل أعمال للطلسمات ويعمل الصنعة، وكسداني معناه: نبطي، وله من الكتب كثير، منها:
كتاب الفلاحة الكبير والصغير، (الفهرست ص311) ويعرف أبو بكر أحمد ب (ابن وحشية)، وذلك في سنة 291ه/904م، وأملاه على ابن محمد الزيات في سنة 318ه فقال له: اعلم يا بني أني وجدت هذا الكتاب في كتب الكسدانيين، يترجم معناه، فلاحة الأرض، وإصلاح الزرع، والشجر، والثمار، ودفع الآفات عنها، وكانوا هؤلاء الكسدانيين أشد غيرة عليها، لئلا يظهر هذا الكتاب، فكانوا يخفون بجهدهم، وكان الله - عز وجل - قد رزقني من المعرفة بلغتهم ولسانهم، فوصلت إلى ما أردت من الكتب بهذا الوجه، وكان هذا الكتاب عند رجل متميز، فأخفى عني علمه، فلما اطلعت عليه لمته في إخفاء الكتاب عنى، وقلت له: إنك إن أخفيت هذا العلم، ومر ومضى، ولا يبقى لأسلافك ذكر، وما يصنع الإنسان بكتب عنده، لا يقرؤها ولا يخلي من يقرأها فهي عنده بمنزلة الحجارة والمدر، فصدقني في ذلك وأخرج إلي الكتب، فجعلت أنقل كتابا بعد كتاب، فكان أول كتاب نقلته ذواناي البابلي، في معرفة أسرار الفلك، والأحكام على حوادث النجوم، وهو كتاب عظيم المحل، ونقلت هذا: كتاب الفلاحة بتمامه وكماله، لاستحساني له، وعظيم ما رأيت من فائدته ومواقعه، في إفلاح الأرض، وعلاج الشجر، وزكاء الثمار، وتجويدها، وزكاء الزروع، والكلام على خواص الأشياء ... إلخ.
Неизвестная страница