الدولة الاولى للأولياء قبل الدّخول إلى أرض الميعاد
قال من عني بأخبار الأمم وبحث عن سير الأجيال ان اصول الأمم من سالف الدهر سبعة: الفرس والكلدانيون واليونانيون والقبط والترك والهند والصين. ثم تفرّع كل واحدة من هذه الأمم الى امم وتشعبت اللغات وتباينت الأديان. وكانوا جميعا صابئة يعبدون الأصنام تمثيلا للجواهر العلوية والأشخاص الفلكية. وهم على كثرة فرقهم وتخالف مذاهبهم طبقتان: طبقة عنيت بالعلوم كالكلدانيين والفرس وسائر من يأتي ذكره في موضعه، وطبقة لم تعن بهذا كأهل الصين والترك والصقالبة والبرابر والحبشة ومن اتصل بهم.
اما الصين فأكثر الأمم عددا وافخمهم مملكة وأوسعهم ديارا، ومساكنهم محيطة بأقصى مشارق المعمورة ما بين خط الاستواء الى أقصى الأقاليم السبعة في الشمال وحظهم من المعرفة التي بزّوا فيها سائر الأمم إتقان الصنائع العملية واحكام المهن التصويرية.
واما الترك فأمة كثيرة العدد ايضا فخمة المملكة وفضيلتهم التي برعوا فيها معاناة الحروب ومعالجة آلاتها. فهم احذق الناس بالفروسية وابصرهم بالطعن والضرب والرماية. واما سائر هذه الطبقة التي لم تعن بالعلوم فهم أشبه بالبهائم منهم بالناس، لان من كان موغلا في الشمال فافراط بعد الشمس عن مسامتة رؤوسهم برّد أمزجتهم وفجّج أخلاقهم فعظمت أبدانهم وابيضت ألوانهم واستدلت شعورهم فعدموا بهذا دقة الافهام وثقوب الخواطر فغلب عليهم الجهل والبلادة وفشا فيهم الغيّ والغباوة كالصقالبة ومجاوريهم. ومن كان منهم قريبا من معدّل النهار وخلفه الى نهاية المعمورة في الجنوب لطول مقاربة
1 / 3