История Египта от османского завоевания до наших дней

Умар Искандари d. 1357 AH
92

История Египта от османского завоевания до наших дней

تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر

Жанры

ثم عاد نابليون إلى القاهرة، واستولت رجاله على أملاك البكوات وأموالهم، وتشددوا مع نسائهم حتى اضطروهن إلى أن يفدين أنفسهن بالمال؛ من ذلك أن زوجة مراد بك فدت نفسها بمبلغ 125000 ريال. وحاول بعض الغوغاء الاشتراك مع الجند في نهب بيوت المماليك، فقابلهم نابليون بالشدة؛ فساعد ذلك على رجوع السكينة بعض الشيء.

نابليون أمام الأهرام (رسم علي أفندي يوسف، عن صورة بدار الكتب السلطانية).

ولما رأى نابليون أن قد هدأت الأمور، عمل على تنظيم الحكومة، وأن يدخل في البلاد كل ما يستطيع من الإصلاحات التي تقتضيها الحضارة الفرنسية، فنصب أحد رجاله حاكما على القاهرة، وجعل آخر مديرا للشئون المالية، وأمر بتشكيل مجلس نيابي - ديوان - من الأهلين ليسترشد بهم في إدارة البلاد. وتكون الديوان بادئ الأمر من عشرة من المشايخ، منهم الشيخ عبد الله الشرقاوي - مؤلف كتاب «تحفة الناظرين» في تاريخ مصر - والسيد خليل البكري - نقيب الأشراف وشيخ سجادة البكرية في ذلك الوقت - وغيرهما من أفاضل العلماء. ثم وسع من نطاق المجلس، فانضم إليه أعضاء يمثلون جميع الطوائف المقيمة بمصر، ومن جملتهم أعضاء من الفرنسيين.

واندفع نابليون في إدخال كثير من الإصلاحات الأخرى الخاصة بالصحة العامة أو الأمن وغير ذلك، غير ناظر لاستياء الناس أو رضاهم، ومكتفيا باعتقاده أنه إنما يريد الإصلاح على النمط الأوروبي. فمن ذلك أنه أمر الأهلين بكنس شوارعهم ورشها في أوقات معينة، وبوضع مصباح على كل منزل، مع تهديد كل من يخالف ذلك بالعقوبات الشديدة، ووضع أنظمة لقيد عقود الزواج والوفيات والمواليد، مع تأدية مغارم لكل ذلك؛ مما جعل المصريون يحسون تدخله في حريتهم الشخصية - وكانوا لم يعهدوا شيئا من ذلك في عهد أظلم المماليك - فقلت ثقتهم بوعود نابليون ومواثيقه، وأخذوا ينظرون شزرا إلى كل قانون جديد يسنه، خصوصا عندما أمر بهدم أبواب الحارات والدروب.

وكان نابليون قد أخذ يحصن القاهرة؛ فهدم لذلك كثيرا من الآثار والمساجد، فزاد استياء الأهلين، ولما جمع العلماء وكلفهم تعليق شارات الحكومة الفرنسية ذات الألوان الثلاثة، ونهرهم عندما رفضوا ذلك، أمسكوا عن مساعدته في تحسين العلائق بينه وبين العامة، وأخذ سخطهم في الاستفحال.

وبينما نابليون مشتغل بإصلاحاته هذه إذ جاءه نبأ تدمير الإنجليز لأسطوله في خليج «بوقير».

وذلك أن «نلسن» أمير البحر الإنجليزي لم يفتر عن البحث عن الأسطول الفرنسي حتى عثر عليه في خليج «بوقير» في (17 ربيع الأول/أول أغسطس)، فوقعت بين الأسطولين موقعة بحرية عظيمة انتهت بتدمير الأسطول الفرنسي؛ فكانت من أهم الوقائع التي كونت مجد بريطانيا البحري، والفضل في ذلك للبطل العظيم «نلسن» قائد الأسطول الإنجليزي، فإنه مع فوق الفرنسيس عليه في عدد مراكبهم، ونصبهم القلاع والاستحكامات على الشواطئ لمعاونة الأسطول، تمكن من شطر الأسطول الفرنسي شطرين، أحاط بأحدهما من الجانبين وفتك به، وشتتت السفن الإنجليزية شمل المراكب الباقية؛ فلم ينج منها من الغرق أو الحريق إلا القليل.

وكان الفرنسيس في أول الواقعة قد أرسلوا بعض مراكبهم الصغيرة لتغري الأسطول الإنجليزي على الاقتراب من شواطئهم المحصنة، حتى يقع بين نارين، فلم يعبأ بهم نلسن، وكان من مهارته ما رأيت. وفي هذه الواقعة جرح نلسن في رأسه جرحا خفيفا، ومات «برويس» قائد الأسطول الفرنسي بعد أن أظهر من البسالة والثبات ما يجعله في مقدمة أعاظم الرجال.

بلغ نابليون ذلك فحزن حزنا شديدا لانقطاع كل اتصال بينه وبين فرنسا، ولكنه أظهر الجلد واستمر في تقوية مركزه في الديار المصرية، وبقيت مشروعاته تلي بعضها بعضا من غير أن يعبأ باستياء الأهلين، حتى بلغ السيل الزبى، وخرج سكان القاهرة على الفرنسيس خروجا عاما في (10 جمادى الأولى/22 أكتوبر)، أي بعد نزولهم مصر بشهرين تقريبا.

بعض أعضاء المجلس النيابي: (1) السيد خليل البكري، (2) الشيخ عبد الله الشرقاوي، (3) الشيخ المهدي الكبير، (4) الشيخ سليمان الفيومي. (رسم علي أفندي يوسف، عن مجموعة بدار الكتب السلطانية).

Неизвестная страница