Современная история Египта: от исламского завоевания до наших дней, с заметками по древнеегипетской истории
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Жанры
ولما توفي تولى ابنه «نخاو الثاني» فأتم تنظيم الجيوش، وكان ذا نفس أبية، وهمة عالية، فأنشأ معامل بحرية لتشييد السفن الحربية على نية افتتاح سواحل البحر الأحمر والمتوسط، وجعل رؤساء تلك المعامل من اليونان، ولاح له لإتمام مشروعه أن يوصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط، فحفر ترعة امتدادها أربع مراحل، وعرضها يسع سفينتين، أولها مدينة بسطة بقرب الزقازيق، وآخرها بركة التمساح؛ لأن البحر الأحمر كان على مقربة من تلك الجهة، وكان قد سبقه إلى هذا المشروع - حسب قول بعضهم - ملوك العائلة العشرين ففتحوا هذه الترعة لكنها سدت بعد ذلك بالرمال، وسيأتي أمامك كلام مفصل عن تاريخ الوسائل التي اتخذت لإيصال البحرين عند الكلام على ترعة السويس من هذا الكتاب.
ثم سار نخاو بجيش لافتتاح فلسطين، وافتتح معها أكثر البلاد في طريقه إليها، وكانت تحت سلطة الآشوريين، ولما عاد إلى مصر كافأ من كان في عساكره من اليونان.
ثم إن ملك الآشوريين «نبوخذ نصر» أرسل ابنه بختنصر في جيش لاسترجاع فلسطين والشام من المصريين، فسار ولم يبلغ مقصوده حتى بلغه موت أبيه، فعاد إلى بابل مسرعا بعد أن استرجع الشام، وحاول «نخاو الثاني» بعد ذلك الاستيلاء على بلاد الشام ثانية فلم يستطع.
ثم توفي، وخلفه ابنه «بسامتيك الثاني» وهذا لم تطل أيام حياته، فخلفه «وح أبرع» وهو الذي استنجد به «صدقيا» ملك اليهود على محاربة بختنصر ملك بابل في عصر أرميا النبي، فسارت جيوش مصر وما لبثت حتى عادت منهزمة، فاستولى الآشوريون على اليهود، فالتجأت اليهود إلى مصر فأقطعهم ملكها أرضا بقرب دفنة فانتشروا في مجدل ومنف، وبعضهم سكن الصعيد.
وبختنصر لما استولى على الشام طمع بمصر، فجاءها مهاجما، وقتل ملكها ، واستولى عليها، وأقام فيها عاملا من أمرائه، وعاد إلى بلاده، وساق معه جميع من كان في مصر من العملاء إلا أن هيرودوتس المؤرخ يقول خلاف ذلك.
ثم حكم مصر الملك «أموزيس» وهذا كان في خشية من غارات الفرس على بلاده، ولذلك كان يحاذرهم لقوتهم، على أنه لم ينج من غائلتهم، فسلبوه بعضا من بلاده، لكنه بالسياسة وحسن التدبير أمن من إغارتهم على كرسي ملكه، فارتاحت مصر في أيامه، فأقام فيها البنايات والمعابد والمسلات، واتسعت التجارة، ولا سيما مع اليونان فإنهم كانوا من البارعين فيها، فزاد عددهم في مصر حتى بلغ 200 ألف نفس، فأعطاهم أموزيس أرضا ابتنوا فيها بيوتا لهم بالغوا في إتقان بنائها فأصبحت مدينة من أجمل مدن مصر، ثم جعلوا يحصنونها، وبعد يسير سنوا لأنفسهم قانونا مخصوصا، وكانت تجارة مصر في أيديهم فاتسعت وباتساعها اتسعت شهرة مصر فطمع الناس فيها، فأتاها الطلاب من كل الجهات بين فلاسفة وتجار وأجناد. ثم رأى «أموزيس» من الحكمة أن يتحالف مع أثينا لعلها تفيده ضد ملك فارس ففعل، وتم التحالف.
وفي أثناء ذلك مات «قورش» ملك فارس فقام ابنه «كمبيز» مكانه، وكانت مطامعه لا تزال قوية في مصر، فأخذ منذ توليته الملك يسعى في هذا السبيل، فاستكشف أنسب طريق يؤدي إلى وادي النيل برا، ولزيادة التأمين عقد معاهدات مع القبائل البدوية التي في طريقه؛ ليمدوه بالماء الذي يحتاج إليه رجاله، وبناء على هذه المعاهدات سارت الجيوش الفارسية، وما زالوا حتى نزلوا أمام طينة، فبلغهم أن «أموزيس» توفي وتولى مكانه «بسامتيك الثالث» وهذا جهز جيوشه وعساكره عند طينة لدفع الفرس، فحصلت موقعة كبيرة، وكان الفرس لشدة مكرهم قد جعلوا أمام جيوشهم عددا عظيما من القطط والبزاة وغيرها من الحيوانات المقدسة عند المصريين، فذهب هؤلاء ولم يجسروا على رمي السهام مخافة أن تصيب تلك الحيوانات المقدسة فلم يكن لديهم إلا الفرار ففروا إلى منف.
فأرسل إليهم «كمبيز» رسلا في مركب يطلب إليهم التسليم، فخرج المصريون إلى ذلك المركب وكسروه إربا، وقتلوا من كان فيه جميعا ، فاستشاط كمبيز غضبا وانتقاما، فسار بجيشه إلى منف وفتحها عنوة، وقبض على بسامتيك وقيده وأهانه وأودعه السجن ومن معه، وكان بسامتيك صبورا فاحتمل كل ذلك ولم يبد تضجرا، فعجب كمبيز لصبره، ثم اتفق بينما كان بسامتيك جالسا في السجن مقيدا وكمبيز بجانبه؛ إذ مر به أحد ندمائه السالفين مترديا بثوب خلق، فتأفف بسامتيك وصفع بيده على جبهته متأسفا، فقال له كمبيز: ما لك تتأسف وتتأفف الآن، وقد احتملت منك إهانة عظيمة، ولم تبد في أثنائها أسفا؟! فقال: إنما أتأسف على حالة هذا الرجل فإنه كان في عز، وقد أصبح كما ترى، والرجل إذا حلت به المصائب وتجرد من ذات يده وأهين شرفه يحق عليه الأسف، فتأثر كمبيز من ذلك، وأسرع إلى حل قيوده، وأعاد إليه شرفه، إلا أنه رآه بعد ذلك يسعى ضده فأمر بقتله، فانتهت هذه العائلة، وابتدأت العائلة السابعة والعشرون. (3-10) العائلة السابعة والعشرون (الدولة الفارسية الأولى) (حكمت من سنة 1149-1028ق.ه/527-406ق.م وعدد ملوكها 7)
أولهم «كمبيز» المتقدم ذكره، فهذا كان يراعي ميل الوطنيين، فأبقاهم على ما كانوا يعبدون، وأعاد إلى أعيانهم امتيازاتهم وحقوقهم، وتلقى أسرارهم اللاهوتية؛ ليكون له إلمام فيها، وأضاف إلى اسمه ألقابا فرعونية، وكان لفتح مصر عظيم هيبة وتأثير عند الأمم المجاورة، فسعوا جميعا إلى كمبيز بالهدايا والجزية، وجعل كمبيز مصر حصنا يستعين به في فتح إفريقيا. ثم جند لقرطاجنة فلم يفز بها، فعاد وجند إلى واحات سيوى فلم يرجع من رجاله مخبر.
ثم طمع في أثيوبيا، وكانت إذ ذاك على جانب من المنعة والثروة، فأرسل إليها جواسيس معهم الهدايا، فساروا وقدموها إلى ملك أثيوبيا، وكان فطنا نبيها فعرف مقاصدهم لكنه أظهر استحسانا لهديتهم. ثم قال لهم وفي يده قوس كبيرة: «انظروا إلى هذه القوس» ورمى منها سهما، وقال: «خذوا هذه القوس إلى ملككم كمبيز، وأخبروه أن الأنسب أن يأتي هو بمفرده لفصل ما تحدثه به نفسه حقنا لدم العباد، وهذه القوس قولوا له إني أوترتها وحدي، فإذا استطاع ذلك جاز له شيء مما يكنه ضميره، وإلا فليحمد الآلهة لإغضائنا عن بلاده.»
Неизвестная страница