له الخلق والأمر ، إنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا : أتانا قتل مصعب رحمه الله، فأما الذى أفرحنا : فأن قتله شهادة، وأما الذى أحزننا فان الفراق للحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة، ألا إن أهل العراق - أهل الغدر والنفاق . أسلموه وباعوه بأقل الثمن، فلا والله ما نموت على مضاجعنا كما تموت بنو أبى العاص، والله ما قتل منهم رجل في زحف فى الجاهلية ولا الإسلام، وما نموت إلا قعصا بالرماح، وموتا تحت طلال السيوف!
~~وفيها حج بالناس عبد الله بن الزبير بن العوام1 ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وفيها اقتتلت الأزارقة والمهلب بسولاف ثمانية أشهر أشد القتال ، فأتاهم قتل مصعب بن الزبير، فبلغ ذلك إلى الأزارقة قبل المهلب ، فنادت الخوارج لعكر المهلب : ما فولكم في مصعب؟ فقالوا: إمام هدى، قالوا: فما قولكم في عبد الملك؟ قالوا: نحن برآء منه، قالوا : فإن مصعبا قد قتل، وستجعلون غدا عبد الملك إمامكم .
~~فلما كان من الغد بلغ المهلب الخبر؛ فبايع لعبد الملك؛ فقالت الخوارج : يا أعداء الله، أنتم أمس تتبرءون منه، وهو اليوم إمامكم! وكان عبد الملك قد ولى على البصرة خالد بن عبد الله، فبعث خالد للمهلب على خراج الأهواز، وبعث أخاه عبد العزيز على قتال الازارقة، فهزم وأخذت زوجته بنت المنذر بن الجارود، فأقيمت فيمن يزيد، فبلغت مائة ألف، وكانت جميلة؛ فغار رجل من قومها كان من رءوس الخوارج؛ فقال : تنحوا؛ ما أرى هذه المشركة إلا قد فتنتكم؛ فضرب عنقها.
~~وكتب خالد إلى عبد الملك يخبره بما جرى؛ فكتب إليه : قبح الله رأيك حين تبعث أخاك أعرابيا من أهل مكة على القتال ، وتدع المهلب يجبى الخراج، وهو البصير بالحرب، فإذا أمنت عدوك فلا تعمل فيهم برأى حتى يحضر المهلب وتستشيره فيه .
~~وكتب عبد الملك إلى بشر ين مروان : أما بعد، فإنى قد كتبت إلى خالد بن عبد الله أمره بالنهوض إلى الخوارج ، فسرخ إليه خمسة آلاف رجل، وابعث عليهم رجلا ترضاه، فإذا قضوا غزاتهم تلك، صرفتهم إلى الرى فقاتلوا عدوهم ، فقطع على الكوفة خمسة الاف، ربعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث، وقال : إذا قضيت غزاتك هذه فانصرف إلى الرى.
----
Страница 126