وبجانب هذه الأشخاص العليا يوجد آلاف من الأرواح الثانوية بين طيب وخبيث تؤذي الإنسان أو تقيه وتحميه، وله عليها سلطان مطلق بواسطة تمائم وتعاويذ سحرية؛ فلذلك كان للسحرة العديدين في كلديا تأثير بالخير أو بالشر بحسب طبيعة الجان والأرواح التي يتعلمون تسخيرها لهم. (4)
كان الإله آشور أخاذيا في أول الأمر بمدينة الآشور ثم صار إلها وطنيا لجميع بلاد آشور ثم كبر وصار ربا لسائر الآلهة بمقدار ما اتسع نطاق المملكة الآشورية، وازدادت أملاكها ثم سقط في زوايا النسيان على أثر خراب نينوي. (5)
أما ميروداخ بعلو بابل؛ أي ربها المعروف أيضا لهذا السبب باسم بعل؛ فقد كاد في عهد نابوناهيد أن يحصل على ما كان للإله آشور من السيادة والسلطان، ولكن سيطرته التي كانت قصيرة الأجل زالت بسقوط بابل. (6)
وقد استدامت الديانة الكلدانية ممسوخة عن أصلها إلى ما بعد الفتح الإسلامي بزمان.
الباب الرابع عشر
الآثار والفنون الصناعية (1) لماذا استعمل الكلدانيون الآجر خصوصا
إن بلاد كلديا مكونة من طمي الأنهار ؛ ولذلك فليس بها أحجار جيرية كثيفة متماسكة، ولا رخام ولا صوان ولا حجر البركان ولا شيء من الأحجار الصلبة التي استفاد منها المصريون أيما استفادة؛ ولذلك آل الأمر بالمهندسين من الكلدانيين إلى أن يأخذوا من الأرض نفسها المواد التي يبتنون منها العمائر والآثار فاستعملوا اللبن نيئا أو مطبوخا أو مطليا بالمينا وآجرهم عريض جدا ويكتبون في العادة على أحد وجوهه السطحية اسم الملك الذي صنعت في أيامه. (2) أقدم الآثار في كلديا
إن أقدم الآثار توجد في كلديا السفلى في خرائب أوروك، ولارسام، وايريدو، وأورو، ولاجاش، وهي هياكل وقصور شادها ملوك كانوا معاصرين للفراعنة الذين أقاموا الأهرام في مصر، وكلها قائمة على أساس من اللبن النيئ، وقد يبلغ طول ارتفاع الأساس عشرين مترا بحيث يتكون منه شبه تل صناعي، يكون البناء عليه في مأمن من مياه الفيضان، وكان الوصول إلى السطح بواسطة مزلقان خفيف يمكن للخيول أو العربات أن تسير عليه، والسلالم كأنها منقورة في هذا الأساس، وأما القصر نفسه فكان أشبه شيء بكتلة مربعة أو مستطيلة وله جدران عالية عارية ليس فيها من النوافذ والفتحات سوى باب واحد أو أكثر، وكانت هذه الأبواب محلاة بفرض طويلة منشورية الشكل، وداخل القصور يضل فيه الإنسان لكثرة الفناءات الواسعة والحجرات الصغيرة ذات الحيطان السميكة التي يزيد طولها على عرضها، وتعلوها القباب ينفذ إليها النور من كوة صغيرة في أعلاها وكانت عادتهم أن يضعوا في أحد الأركان البرج الهرمي (زجورات) وهو العنصر الذي تتميز به العمارات الكلدانية، وكانت الزجورات لها سبع طبقات لكل طبقة لون خاص وإله معين، وكانت الآلهة السبعة التي للطبقات السبع هي الشمس والقمر والسيارات الخمسة، وهذه الطبقات هي عبارة عن سبعة مكعبات بعضها فوق بعض وفوق أعلاها في الغالب هيكل صغير يعبد فيه الإله الوطني.
شكل 14-1:
تصوير مركب من حجارة محلاة بالمينا، وقد وجده الباحثون في أطلال خرزاباد وهو من مصنوعات القرن الثامن ق.م.
Неизвестная страница