صورة ملك خيثي في حالة العبادة أمام إلهه بحسب النقش البارز الموجود في إبريز.
وإن الفتن التي ثارت في مصر بسبب مطالب ودعوة هؤلاء الملوك المنشقين عن الدين كانت فرصة لولاة الشام التابعين لهم، انتهزوها في القيام عليهم والخروج عن طاعتهم وفيما كانت مصر تتضعضع أركانها بالحروب الداخلية؛ جمع أحد رؤساء الخيثي (الخيثيين) قبائل أمته في قبضة يده واستولى على كركيش وأسس دولة دخلت فيها كيلكيا والجهات المجاورة لها من آسيا الصغرى من جهة، واشتملت من الجهة الأخرى على حوض نهر العاصي
4
ولم ينجح الملكان الأولان من العائلة التاسعة عشرة، وهما رمسيس الأول، وسيتي الأول (شكل
4-3 ) في تقويض دعائم دولته، وملاشاة سلطنته؛ بل إن رمسيس الثاني المعروف عند اليونان باسم سيزوستريس بعد أن قاتله نحو عشرين سنة اضطر إلى الرضى بما وقع، وبمعاملة ختسارو أمير الخيثي (الخيثيين) معاملة الأكفاء والأقران (شكل
4-4 )، ومن ذلك العهد لم يبق حكم مصر وطيدا إلا في فينيقية، وسورية الجنوبية، وأما شمال الشام، فقامت فيه دولة مستقلة فاصلة بين مصر وآشور (وكان ذلك في حدود سنة 1350ق.م). (6) رمسيس الثالث وذكر انحطاط مصر عما كان لها من الشوكة والاقتدار
وقد ظهر الانحطاط بأكثر من ذلك في القرن التالي، فإن أمم الأرخبيل وسواحل آسيا الصغرى أو إغريقية (أي بلاد اليونان) المعبر عنهم ب «أمم البحر» تواطئوا مع اللوبيين فشنوا الغارة جميعا على الوجه البحري في عهد منفتاح بن رمسيس الثاني، فهزمهم وردهم على أعقابهم خاسرين. ولكنهم عاودوا الكرة في أيام خلفائه، وساعدهم على نجاح مشروعهم ما حصل من ثورة ولاة الكور، فخلعوا الفرعون من الملك واستبدلوه بصعلوك أفاق مقحام من أبناء الشام، وبقي على رأس الدولة بضعة أعوام، حتى جاء رجل من سلالة الأسرة القديمة الشمسية، وهو رمسيس الثالث، فأعاد مصر كلها تحت سلطان العائلة المتممة للعشرين، وهزم أمم البحر وكسر جنود اللوبيين وافتتح سورية الجنوبية ثانيا (في حدود سنة 1250ق.م) وقد تلقب الملوك الذين خلفوه باسم رمسيس، وحافظوا مدة قرن أيضا على بضع مدائن في أرض الفلسطينيين وعلى سيادتهم على جزء من البلاد المجاورة لها (من سنة 1200 إلى سنة 1100ق.م).
خلاصة ما تقدم (1)
إن جلوس ملوك الجنوب على منصة الأحكام غير أحوال مصر وبدل الطريق التي كانت سائرة فيها بطريق أخرى؛ وذلك لأن العائلات الطيبية كانت مولعة بالقتال كلفة بافتتاح البلدان؛ فالعائلتان الأوليان منها (الثانية عشرة والثالثة عشرة) وجهتا معظم همتهما وجل عزيمتهما إلى أقاليم النيل الأعلى واستعمرتا النوبة لحد الشلال الرابع، فأحدثتا بهذه المثابة مملكة مصرية كبرى كانت مدينة طيبة قاعدتها ومركزا لها، ثم تبدلت الأمور وتقلبت الأحوال فعاد السلطان مؤقتا إلى عائلة من الدلتا هي العائلة الرابعة عشرة السخاوية. (2)
ولم تتمكن هذه العائلة من حماية القطر وصد هجمات الهيكسوس؛ فأغاروا عليه في حدود سنة 2300 قبل الميلاد وحكموه نحو ستة قرون، ثم تم طردهم من البلاد بعد أن طال أمد الجلاد بينهم وبين الملك الطيبي أموسيس مؤسس العائلة الثامنة عشرة. (3)
Неизвестная страница