ذكر رحيل التتر عن قلعة البيرة
كان معين الدين البرواناة ، لما نزل على البيرة ، بعث أربع ماية فارسأ يتجسسواأخبار مولانا السلطان وشنوا الغارات على أطراف الشام ، وكان قصده بذلك أن يقعاهم مولانا السلطان فيقتلهم ويعمل السير إلى البيرة ، فإذا سمع بقدومه كبس عسكر المغل بمن معه من عسكر الروم ويتوجه إلى الملك الظاهر ليفي له بما كان وعده من ملك الروم واستئصال من فيه من التتر ، فلما عبرت الأربعماية فارس الفرات إلى الشام ، وجدوا ثلاثة قصاد قاصدين البيرة ومعهم كتب من السلطان الملك الظاهر إلى البرواناة تضمن " أننا وقفنا على ما كتبت به إلينا ، وها نحن على آثر رسلك ، فكن على أهب فيما عزمت عليه من اجتماع الكلمة على العدو المخذول" . فحملوا القصاد وأحضروهم بين يدي أتبانوين فعزم على قتل من في العسكر من المسلمين ، فأشار عليه سمقان ان لا يفعل فإنه إن فعل ذلك استجاروا بأهل البيرة ففتحوها لهم وقووا بهم على قتالنا والرأي أن تتركهم إلى أن ننفصل من هنا لا غير ، ونرحل ونقتلهم في بعض الجبال والأودية ونقتل معهم البرواناة . ثم أمر بحملهم إلى البرواناة ، فلما رآهم أنكرهم وأنكر ما جاءوا فيه وقال : (هذه مكيدة من صاحب سيس يريد بها فتلي وما هذه منه باولة" . فقبلوا ذلك منه وهم يعلمون منه خلافه حتى لا ينفر منهم وقالوا له : "شأنك والقصاد فافعل بهم ما تريد" . فأمر بقتلهم فقتلوا وطيف برؤوسهم في العسكر ، ثم أخذتالكتب وسيرت إلى أبغا من غير أن يعلم بها البرواناة . فلما أعيا التتر أمر القلعة ولم يحتملوا ما لقوا من أهلها من النكاية ، أرسل أتباي نوين إلى الأمير سيف الدي طرنطاي البكلر بكي وحسام الدين بيجار ليستشيرهما في المقام والرحيل " فإنا قد اجهدنا القتال ، وفنيت العدد والرجال ونحن نخاف الدرك علينا من أبغا" ، فأجاباه : "إن هذه القلعة حصينة وعساكر الملك الظاهر قريبة منها وفيها ذخاير كثيرة ، وعساكرنا قد ضعفت من الغلاء والوباء ، والرأي في الرحيل" . فرحلوا عنها يوم السبت السابع عشر من الشهر بعد أن أحرقوا منجنيقاتهم ونهبوا أسواقهم بأيديهم .
Страница 126