116

وظلت هذه المدرسة تؤدي وظيفتها بأقوى ما تؤديه المدارس الحية وتنتقل معارفها من طبقة إلى أخرى ومن جيل لتسلمه الى آخر حتى أنتجت سفيان ابن عينية (1) ومسلما بن خالد (2) ثم أنتجت الامام الشافعي فيما سيأتينا من تفصيل.

** الناحية الفنية :

أما القسم الآخر الذي أنتجته النظرة العابثة في الحياة فقد أسلم أصحابه الى كثير من الترف والفنون واللعب.

شاع التظرف الأدبي بين هؤلاء شيوعا قد لا نجد له نظيرا في تاريخ مكة فأنتج لنا عمر بن أبي ربيعة وعبد الله بن قيس (3) والعرجي والحارث بن خالد المخزومي وشعراء غيرهم لم يبلغوا شاوهم ولكنهم كانوا على العموم يمثلون ناحية الترف والمجون في عصرهم تمثيلا صادقا.

وتأنق المترفات فبدأن يستمرئن الأدب ويتلذذن بسماعه وتعرض الارستقراطيات منهن للشعراء يستزدنهم ويشحذن خيالهم وترقق بعضهم فاستسغن الاجتماعات البريئة يشجيهن فيها الشاعر برقيق ما ينشد :

قالت لو أن أبا الخطاب وافقنا

اليوم نلهو وننشد فيه أشعارا

ومضى بهن التظرف الى الاستئناس بالسمر يلهون في غفلة عن الناس ثم يعفين آثاره بأكسيتهن الجميلة من الخز.

Страница 136