Лекции по истории экономических принципов и европейских систем
محاضرات في تاريخ المبادئ الاقتصادية والنظامات الأوروبية
Жанры
الاقتصاد في العهد الحديث
أول ظهور الاقتصاد السياسي بمظاهره الحديثة في فرنسا على عهد الملك لويس الخامس عشر تقريبا؛ فقد نشأ فريق من المفكرين العلماء، ونهضوا بهذا العلم وهؤلاء العلماء أطلق عليهم لقب الفيزوقراطيين؛ أي القائلين بحكم الطبيعة، وكان ظهورهم في أوائل القرن السابع عشر.
مبدأ الفيزوقراطيين
وضع أنطون مونكرتيان اسم الاقتصاد السياسي في أوائل القرن السابع عشر علما على العلم الذي يعرف الآن بهذا الاسم. وفي هذه التسمية خطأ؛ لأن الاقتصاد هو علم تدبير ثروة الأمة، وليس له في السياسة دخل، ومنشأ الخطأ هو العلاقة بالأمة كمجموع، وإلا فإنهم يطلقون على العلم نفسه اسم التدبير المنزلي إذا كان المقصود به تدبير ثروة الفرد. وعلى ذلك كانت آراء فلاسفة اليونان.
وقد شاع هذا الاسم واستعمل لأن المشتغلين بالعلوم والسياسة في القرن السابع عشر وما بعده كانوا يقولون بأن الاقتصاد فرع من سياسة الأمة؛ لذا كتب جان جاك روسو مقالة في دائرة المعارف الفرنسوية عن الاقتصاد السياسي، فقال: إن هذا العلم لا يفصل عن السياسة؛ لأنه فرع من الحكومة قائم بتدبير المنزل العام. وبعبارة أخرى هو علم تقدم البلاد ونجاحها، وإن العلماء قد ذكروا طرقا شتى لإنجاح البلاد بالماديات، وتدبير الثروة الشعبية.
فبعضهم كان يقول بإكثار مقدار النقود فيها؛ لأن كثرة النقود حصر للثروة، وهذا رأي فريق النقديين «بوليونيست»، وقال فريق إن وسيلة تقدم البلاد تكون بتنمية المتاجر وتشجيعها، وهم يسمون بالتجاريين أو المركنتيليست، وقام كذلك فريق أدخل العلوم الاقتصادية في عالم الخيالات، ورسم خططا لا يمكن تنفيذها غايتها الوصول إلى تقدم البلاد، وهذا الفريق يسمى بالإيتوبيست من كلمة إتيوبي أو إرم ذات العماد، وهي تسمية مجازية لمن يريد تحقيق ما لا يحقق، ومنها جمهورية أفلاطون التي سبق ذكرها.
وأنتم ترون أن العلم الاقتصادي كان بين أصحاب هذه المبادئ المتضاربة المتناقضة في فوضى لا نظام لها، بل لم يكن في الواقع علم اسمه علم الاقتصاد، إنما مجموعة آراء مختلفة دعت إلى القول بها رغبة العلماء في تقدم أوطانهم، واشتباك هذه الآراء وتضاربها كان لا شك دليلا على أنه قد آن الأوان لظهور العلم الحقيقي، ونضاج الأفكار واستعدادها للنبوغ فيه، كل هذا كان في بداية القرن السابع عشر؛ أي منذ ثلاثة قرون بالضبط.
عند ذلك ظهر فريق من العلماء، وعلى رأسهم عالم اسمه ديكناي
De Quesnay
كان طبيبا للملك لويس الخامس عشر، ومشتغلا بالزراعة والأدب والاقتصاد الزراعي، وقد كتب هذا العالم مقالة في دائرة المعارف الفرنسوية في باب الاقتصاد السياسي، قال فيها جملة كانت هي أساس مبدأ الفيزوقراطيين، والتي صار من يوم التصريح بها رئيسا أو مؤسسا لمدرسة الفيزوقراطيين، هذه الجملة هي: «إن البشر محكومون بقوانين وسنن يعوزهم فهمها ليطيعوها.»
Неизвестная страница