История безумия: от древности до наших дней
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Жанры
منذ العصور القديمة، كان ولا يزال للصرع وضع خاص؛ فهو ليس مرضا عقليا في حد ذاته (وإن كان هناك بعض الكتاب - وعلى رأسهم بينيل وكرابلين - يقولون العكس)، على الرغم من أن نوباته ترتبط كثيرا باضطرابات نفسية مرضية خفية أو حادة، عرضية أو دائمة، ولا تزال طبيعة هذا التلازم موضع جدل.
11
ويخضع مرض الصرع إلى عدة تصنيفات وظيفية أو مرضية، أساسية أو خاصة ببعض الأعراض، عرضية أو دائمة. في منتصف القرن التاسع عشر، اقترح لويس ديلاسيوف (1804-1893) تصنيفا يقسم المرض إلى صرع مرضي (نتيجة إصابة في المخ)، أو صرع غير معلوم سببه أو أساسي (دون إصابات واضحة)، وصرع سمبثاوي (نتيجة أسباب خارجة عن المخ). بينما يؤيد ثيودور هيربين من جينيف (1799-1865) - حتى قبل ظهور مضادات التشنج (البوروم) في الستينيات من القرن التاسع عشر - أن الصرع يمكن شفاؤه في أغلب الحالات، بشرط أن يعالج في بداياته عن طريق التعرف على «عوارضه الخفيفة».
12
كان البريطاني هيولينجز جاكسون (1835-1911) - طبيب وليس متخصصا في الطب النفسي، ورائد في علم الأعصاب - قد وضع في عام 1861 أساس علم علاج الصرع الحديث. وكان أول من وضع تفسيرا ماديا لاضطرابات النشاط الكهربي التي تحدد ظهور وتطور نوبة الصرع (شحنة مفاجئة قوية وسريعة (تنشيط عنيف) للمادة الرمادية في بعض أجزاء المخ). ولقد ظل هذا المفهوم الخاص بالشحنة الموضعية معمولا به، حتى بعد ظهور علم الأعصاب الفسيولوجي الإكلينيكي في نهاية القرن التاسع عشر، بعد انقضاء عصر التشريح الإكلينيكي. كان الاستكشاف المباشر لوظائف القشرة المخية قد أسفر في العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين عن علاج جراحي لحالات الصرع الحادة التي استعصت على أي علاج. في عام 1929، أجرى عالم الفسيولوجيا الألماني هانز برجير أول رسم مخ كهربائي (شهد تطورا حقيقيا في خمسينيات القرن العشرين)، مؤكدا فرضية جاكسون؛ مما أتاح تشخيص الصرع وأسباب تطوره وأيضا متابعة علاجه.
العصاب والهستيريا
يميز العلماء اليوم بشكل واضح بين بين العصاب والذهان، فالعصاب - على عكس الذهان - لا يؤثر بعمق على الشخصية، ويكون مصحوبا عادة بنوع من الإدراك المؤلم والمبالغ فيه أحيانا للوضع المرضي (فهو اضطراب مرضي قبل كل شيء). في قرن ازدهار طب الأمراض العقلية، كان مصطلح العصاب يشمل المعنى الأعم والشمولي: كافة الأمراض المسماة «العصابية» بما فيها فئات المرض العقلي المختلفة.
13
وكان كولين - كما سبق أن رأينا - هو من ابتكر الكلمة عام 1769، فقد كان حينها في كرسي الأستاذية للفسيولوجيا بجامعة جلاسجو، وكان يولي عناية كبيرة لدراسة دور الجهاز العصبي في تكون وتطور الأمراض. في كتابه «التصنيف الفلسفي للأمراض» (1798)، وضع بينيل - متأثرا بكولين - جدولا للأمراض العصابية وقسمها إلى أربعة أنواع؛ في البداية يأتي «الجنون»: وسواس المرض، والسوداوية، والهوس (ينقسم إلى أربعة أنواع: الهوس من دون هذيان، والهوس المصحوب بهذيان، والعته، والبلاهة)، والسرنمة، والخوف المرضي من الماء. ويضم القسم الثاني: «الاضطرابات العصبية الموضعية»، ولا يقل عددها عن سبعة أنواع (لن نذكر منها الآن إلا الألم العصبي و«العصاب المثير للشهوة الجنسية » الذي يشتمل بدوره على عدة أنواع: الشراهة الجنسية، وخلل النطاف، وأمراض العضو الذكري العصبية، والهوس الجنسي). وبعد القسم الثالث، يأتي الرابع والأخير الذي يضم إصابات الغيبوبة: السكتة وتخشب الجسم والخدر (منها السكر) والاختناق.
ولقد أصبح هذا الإطار التصنيفي للمرض - على اتساعه وتكلفه وكثرة تذبذبه - «جامعا للأشياء المتنافرة التي انتهت إليها الأبحاث الطبية في القرن التاسع عشر» (جي بوستيل). وفي الوقت الذي استقرت فيه منهجية التشريح الباثولوجي، لم يكن هناك الكثير ليبحث فيه. «فكافة تقسيمات العصاب بنيت على تصور سلبي؛ فلقد ولدت في الوقت الذي وجد فيه التشريح الباثولوجي - المسئول عن تفسير أسباب الأمراض من واقع اضطرابات أعضاء الجسم - نفسه في مواجهة عديد من الحالات الصعبة عجز عن اكتشاف سببها.»
Неизвестная страница