ومنهم المولى سراج الخطيب، وكان من بلاد العجم جاء إلى بورسة ثم إلى استانبول فجعله السلطان الفاتح خطيبا في الجامع الذي بناه المعروف بالفاتح وكان له في رعاية النغمات شيء عظيم لم يلحقه به أحد بعده.
ومنهم قطب الدين العجمي، كان وزيرا لبعض ملوك العجم ثم جاء إلى بلاد الروم وخدم السلطان الفاتح، فأكرمه جدا وكان يعرف علم الطب غاية المعرفة.
ومنهم الحكيم شكر الله الشيرواني، وكان طبيبا ماهرا وعالما بالعلوم العربية، ولما حج أقام بمصر وقرأ على علمائها كالشيخ السخاوي وغيره، وأجازه بالروم المولى الكوراني، واتصل بخدمة السلطان محمد ومات في أيامه.
ومنهم خواجه عطا الله العجمي، جاء من بلاد العجم إلى بلاد الروم في أيام الفاتح، ومات في أوائل سلطنة بايزيد وكان ماهرا في الفلك والرياضيات ومعرفة الأزياج واستخراج التقاويم، قال صاحب الشقائق النعمانية: رأيت له رسالة كبيرة في العلوم الرياضية لحل الأسطرلاب والربع المجيب والمقنطرات ورسالة لطيفة في معرفة الأوزان.
ومنهم يعقوب الحكيم كان يهوديا، وكان من أمهر الأطباء فحظي عند السلطان محمد لأجل طبه، ثم أسلم فاستوزره السلطان، ولما مرض السلطان الفاتح رحمه الله عالجه يعقوب الحكيم هذا فلم ينجع علاجه، فأشار الوزير محمد باشا باستدعاء الحكيم اللاري فعالج السلطان بخلال معالجات يعقوب فازداد ضعف السلطان، فاستدعى يعقوب مرة ثانية، فلما عاينه عرف أن مرضه غير قابل للشفاء، فصوب رأي الحكيم اللاري ولم يلبث السلطان إلا قليلا حتى مات روح الله روحه، وجزاه عن الإسلام خيرا.
ومنهم الحكيم اللاري العجمي، اتصل بخدمة الفاتح.
ومنهم الحكيم «عرب» حصل الطب في بلاد العرب ثم جاء إلى بلاد الروم واتصل بخدمة عيسى بك بن إسحاق بك أمير أسكوب، ثم اتصل بخدمة السلطان محمد.
ومنهم ابن الذهبي، كان عالما عابدا زاهدا ورعا، وكان ماهرا في معرفة الأعشاب، وكان لا يؤتى إليه بشيء منها إلا عرفه باسمه ورسمه ومنافعه، وكان طبيبا حاذقا.
ومنهم محمد بن حمزة الشهير ب«آق شمس الدين» نجل العارف بالله شهاب الدين السهروردي ولد بدمشق الشام، ثم أتى مع والده إلى بلاد الروم، وكان مائلا إلى التصوف، واتصل بخدمة الشيخ بيرم، وكان طبيبا للأبدان كما هو طبيب للأرواح، ولما عزم السلطان محمد علي فتح القسطنطينية دعا هذا الشيخ للجهاز، فقال الشيخ آق شمس الدين: سيدخل المسلمون القلعة من الموضع الفلاني في اليوم الفلاني، وقت الصحوة الكبرى، وكان الأمر كما قال فاعتقد فيه السلطان محمد مزيد الاعتقاد وقال: ما فرحت بهذا الفتح كفرحي بوجود مثل هذا الرجل في زماني. ثم جاءه السلطان يوما من الأيام وهو مضطجع في خيمته فلم يقم للسلطان فقبل السلطان يده وقال له: جئتك لحاجة! قال: ما هي؟ قال: أريد أن أدخل الخلوة عندك أياما. فقال الشيخ: لا. فألح السلطان مرارا والشيخ يقول لا فقال له السلطان وهو غضبان: إن واحدا من الأتراك يجيء إليك وتدخله الخلوة بكلمة واحدة، فلماذا تمنعني أنا وحدي؟ فأجابه الشيخ آق شمس الدين: إذا دخلت الخلوة تجد فيها لذة تسقط السلطنة من عينك وتختل أمورها، فيمقتنا الله، والغرض من الخلوة إنما هو تحصيل العدالة، فأنت عليك أن تفعل كذا وكذا. وذكر ما بدا له من النصائح ثم قام السلطان من عنده والشيخ مضطجع لا يقوم له، فقال السلطان لابن ولي الدين: ما قام الشيخ لي؟ وكان مستاء من ذلك فقال له ابن ولي الدين: إن الشيخ خان عليك الغرور لهذا الفتح الذي لم يتيسر لغيرك من السلاطين العظام، والشيخ كما لا يخفى هو مرشد. ثم دعا السلطان الشيخ في الثلث الأخير من الليل وجاء والليل مظلم، فما رآه بالبصر ولكن عرفه بالروح، فعانقه وضمه وجلس إليه حتى طلع الفجر، فصلى السلطان خلفه، وبعد الصلاة قرأ الشيخ الأوراد والسلطان جالس أمامه على ركبتيه، فلما أتمها التمس السلطان من الشيخ أن يعين له موضع قبر أبي أيوب الأنصاري، وكان يروي في التواريخ أن قبره بموضع قريب من سور القسطنطينية، فقال آق شمس الدين: إني أصدقك، ولكن أريد علامة يطمئن بها قلبي. فتوجه الشيخ ساعة ثم قال: احفروا هذا الموضع من جانب الرأس من القبر مقدار ذراعين يظهر رخام عليه خط عبراني تفسيره كذا، فحفروا مقدار ذراعين فظهر الرخام الذي قال عنه وعليه الخط ففسروه، فإذا هو كما قال فاندهش السلطان وغلب عليه الحال حتى كان يسقط، وأمر ببناء القبة على ذلك الموضع وببناء جامع، والتمس من الشيخ أن يجلس هناك مع مريديه، فأبى الشيخ واستأذن أن يرجع إلى وطنه فلم يشأ السلطان أن يخالفه، فلما عبر البحر قال لوالده: لما جاوزت البحر امتلأ قلبي نورا وقد فسدت إلهاماتي في قسطنطينية من ظلمة الكفر فيها، وعاد إلى وطنه «قصبة قومك» وبقي فيها حتى مات وله رسالة في التصوف اسمها «رسالة النور» وكان ماهرا في علم الطب، وله رسالة فيه.
حاصر العرب القسطنطينية من سنة 48 إلى سنة 52 للهجرة. ومنهم من يمد ذلك إلى سنة 55، ويقولون إن أبا أيوب الأنصاري رضى الله عنه، وهو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف من بلحارث بن الخزرج الذي شهد «بدرا» «وأحدا» و«الخندق» والمشاهد كلها مع رسول الله
Неизвестная страница