История Первой Балканской войны: между Сверхдержавой и Балканским союзом, состоящим из Болгарии, Сербии, Греции и Черногории
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Жанры
وعينت مملكة الجبل الأسود رئيس مجلسها النيابي واثنين آخرين، وأنابت دولة اليونان عنها الموسيو فنزيلوس رئيس وزارتها ومعه اثنان أيضا.
ولما كان اليوم السادس عشر من ديسمبر سنة 1912 (على الحساب الغربي) اجتمع المندوبون العثمانيون والمندوبون البلقانيون في قصر «سنت جيمس»، وافتتح السير إدوارد غراي وزير خارجية إنكلترا جلستهم الأولى، فرحب بهم بالنيابة عن الملك وحكومته، وأمل أن يجدوا ردهات القصر رحيبة أمامهم، وجو البلاد ساكنا خاليا من غيوم الهوى والغرض، ثم حضهم على بذل الجهد في سبيل الصلح، وأكد لهم أنهم يجدون عند إنكلترا نية حسنة لتحقيق الأمنية التي جمعتهم في العاصمة الإنكليزية. فشكر رؤساء الوفود للوزير الإنكليزي هذا الشعور، وعرضوا عليه أن يكون رئيس شرف لمؤتمر الصلح فقبل شاكرا ثم خرج، وبعد ذهابه قرر المندوبون أن تكون الرئاسة الفعلية لرؤساء الوفود كل في دوره على ترتيب الأحرف الهجائية.
على أن المندوبين العثمانيين أبوا أن يفاوضوا المندوبين اليونانيين؛ لأن الدولة اليونانية أبت أن تشترك في الهدنة، وبعد أخذ ورد، وجزر ومد رضيت الحكومة العثمانية بأن تفاوضهم.
وكل من وقف على الأحاديث التي نطق بها في ذاك الوقت الموسيو دانيف كبير مندوبي البلغار، والموسيو فنزيلوس كبير مندوبي اليونان وجماعة من ساسة العثمانيين، لم يبق عنده شك في أن مسافة الخلاف كانت متسعة جدا بين مطالبهم والشروط التي كانت تراها الحكومة العثمانية مقبولة عادلة. وأهم وجوه ذاك الخلاف أن البلغاريين كانوا يصرون على طلب أدرنه والحكومة العثمانية لم تكن تريد أن تسمع بمثل هذا الطمع، ولا سيما أن أدرنه مدينة قديمة ذات تاريخ محترم عند المسلمين لما فيها من المساجد الفخمة وقبور السلاطين. ومن وجوه الخلاف أيضا أن الحكومة العثمانية كانت تطلب استقلال الولايات المعروفة باسم مقدونيا، واستبقاء يانيه وأشقودره اللتين كانتا تدافعان إلى ذاك الحين، والمتحالفون كانوا بالعكس يريدون أن تكون يانيه وأشقودره داخلتين في جملة غنائمهم كأدرنه؛ لأن الدولة اليونانية كانت تصر كل الإصرار على طلب الأولى والجبل الأسود على طلب الثانية. ومن وجوه الخلاف أن الحكومة العثمانية لم تكن تنوي التنازل عن جميع الجزر، ولا سيما المجاورة للدردنيل والأملاك العثمانية في آسيا.
غير أن كل فريق كان يعتقد أن الفريق الآخر بدأ يطلب كثيرا وهو لا يؤمل الحصول على كل مطلوبه كما يقع للمتساومين. ومما دفع الحكومة العثمانية إلى إطالة المقاومة في تلك المساومة أن جو السياسة لم يكن صافيا؛ لتفاقم الخلاف بين النمسا والصرب من جهة، وبين بلغاريا ورومانيا من جهة أخرى، ولكون روسيا من جهة ثالثة أخذت تنهج منهج النمسا في التأهب الحربي كما سترى. فتلك الغيوم السوداء في جو السياسة الأوروبية ولدت في الأستانة أملا غامضا بوقوع مشكلة دولية قريبة، يكون من ورائها فائدة للدولة العلية، ولا سيما أن حالة الجيش العثماني في جتالجه كانت متحسنة تحسنا ظاهرا، فلو نشبت إذ ذاك حرب ثانية ووجدت الحكومة العثمانية أنصارا، لكان في استطاعتها أن تجني فائدة كبيرة.
على أن ريح السياسة لم توافق سفينة ذاك الأمل؛ لأن الدول العظمى ضغطت على رومانيا فحملتها على قبول التحكيم الدولي بينها وبين بلغاريا، وقد عقد مجلس التحكيم في بطرسبرج، وحكم على البلغار بأن تعطي المملكة الرومانية سلستريا لقاء حيادها في الحرب البلقانية، وأن تعدل حدودها على وجه موافق لمصلحتها، ثم دارت المفاوضات من جهة أخرى بين روسيا والنمسا، وانتهت بأن صرفت كل دولة جانبا من جيشها المعبأ وأكدت نيتها السلمية.
فكان هذا التحسن السياسي مضعفا لذاك الأمل العثماني ومقويا لآمال البلقانيين؛ فبقي هؤلاء مصرين على معظم شروطهم، وخلاصتها أن تستقل ألبانيا كما طلب مجتمع السفراء الذي كان ينعقد بجانب مؤتمر الصلح، وأن تكون جميع الولايات العثمانية الأوروبية غنيمة للبلقانيين، فلا يبقى للدولة العثمانية إلا عاصمتها وعشرات قليلة من الأميال عند بابها.
فأرسل رشيد باشا، المندوب العثماني الأول، تلك الشروط الثقيلة إلى الحكومة العثمانية، فقررت رفضها وبعثت إلى مندوبيها بشروط أخرى وهي؛ أولا: أن تبقى ولاية أدرنه عثمانية، ثانيا: أن تحول مقدونيا إلى إمارة تحت السيادة السلطانية وتجعل سلانيك عاصمة لها، ويكون أميرها إنجيليا يختاره المتحالفون، ثم يصدر جلالة السلطان أمره بتعيينه، ثالثا: أن تستقل ألبانيا تحت السيادة العثمانية، ويكون أميرها من الأسرة السلطانية لمدة خمس سنوات ويجوز تجديد مدته، رابعا: أن تبقى جزر الأرخبيل للدولة العلية، خامسا: أن لا يبحث المؤتمر في مسألة كريت، بل يكون البحث في شأنها بين الباب العالي والدول العظمى.
وكانت الجلسة التي عرضت فيها هذه الشروط تحت رئاسة رشيد باشا، فدافع عن مطالب دولته دفاعا قويا، لكن مندوبي الحكومات البلقانية أصروا على رفضها.
ولما رأى أولئك المندوبون أن الحكومة العثمانية بقيت مصرة على طلب أدرنه من وجه أخص قرروا إيقاف المفاوضات، ثم أخذت الدول من جهة أخرى تلح على الباب العالي في وجوب الإذعان، وأرسلت إليه مذكرة أفهمته بها أنها لا تضمن سلامة الأستانة والأملاك الأسيوية إن بقي على هذا الإصرار.
Неизвестная страница