أسدلت في الآفاق من هبواته
ليلا وأطلعت الأسنة أنجما
ثم إن الفرنج لما لم يقدروا على فتح بعرين تركوها وساروا قاصدين حماة، فبلغ الحمويين الخبر فاستعدوا للقاهم فلم يشعروا إلا والفرنج قد وصلوا لقرية الرقيطاء ونهبوا المواشي والقافلة والقرى وقبضوا على شهاب الدين البلاعي محافظ بر حماة فأخذوه أسيرا، ولما وجدوا أن أبواب أسوار حماة أغلقت في وجوههم تركوها وعادوا بالأسير والغنائم، فهرب منهم شهاب الدين في الطريق وتعلق بجبال بعلبك ورجع إلى حماة.
ثم رجع الملك المنصور من بعرين فمسته الحمى الشديدة وورم دماغه وتوفي سنة 617، وكان فاضلا عظيما - وستأتي ترجمته - وحينما توفي كان ولده الملك المظفر المعهود إليه بالملك عند خاله الملك الكامل في مصر، وولده الثاني الملك الناصر عند خاله الملك المعظم صاحب دمشق، فجمع وزير أبيهما زين الدين ابن فريج أعيان حماة وشاورهم فيمن يولونه فاتفقوا على تولية الناصر، وكاتبوا خاله ملك دمشق فأرسله إليهم فملكوه حماة وتوابعها بعرين وسلمية والمعرة، وكان أخوه المظفر قد بلغه خبر وفاة أبيه المنصور فقصد حماة ليتولى الملك وفي الطريق بلغه أن الملك ذهب منه إلى أخيه فذهب إلى دمشق واتخذها مسكنا.
في سنة 618 قوي طمع الفرنج بالاستيلاء على مصر، فكتب ملكها الكامل إلى أخويه ملك دمشق وملك حلب يطلب معونتهما، فسار الأشرف بعساكره من حلب ومر بطريقه على حماة فاستصحب ملكها الناصر بعسكره، وسارت عساكر دمشق وملكها المعظم فكان الحرب في دمياط، وانهزم الفرنج فعادت العساكر الحموية إلى مكانها مع ملكها.
في سنة 619 سار الملك المعظم صاحب دمشق لمحاربة ابن أخته الناصر صاحب حماة؛ لأنه حين طلبه الحمويون ليولوه عليهم شرط عليه مالا يدفعه إليه فوعده بذلك ولم يف له، فخيم بعساكره على قرية قيرين،
7
فأغلق الحمويون أبواب السور وحاصروا، وزحفت عليهم الجنود الدمشقية فجرى قتال قليل، ثم رحلوا عنها إلى سلمية فنهبوها لأنها من توابع حماة، وولى الملك المعظم عليها واليا من قبله، ثم قصد المعرة فاستلمها أيضا وولى عليها واليا من قبله، ثم عاد إلى سلمية وخيم حولها على نية العود لمحاربة سكان حماة وملكهم، وبذهاب هاتين المدينتين لم يبق لحماة ملحقات سوى بعرين. وفي هذا الأثناء جاء كتاب من الكامل ملك مصر إلى أخيه ملك دمشق أن يرحل عن سلمية ويعفو عن ملك حماة ويعود إلى دمشق ففعل، وولى الملك المظفر محمودا أخا الملك الناصر ملك حماة على سلمية بأمر الملك الكامل، وأعاد المعرة لملك حماة وذلك سنة 621.
وفي سنة 626 أعطى الملك الكامل دمشق لأخيه الملك الأشرف، وكان الأشرف يحب الملك المظفر محمودا أخا الملك الناصر ملك حماة محبة عظيمة، فطلب من أخيه الكامل مساعدته على تولية المظفر وعزل الناصر، فسار الكامل من مصر بجيش جرار، ونزل في المريج
8
Неизвестная страница