История искусств и знаменитые картины
تاريخ الفنون وأشهر الصور
Жанры
ولكننا نحس بشيء من الجمال إذا رأينا صورة للأعشاب والنبات، ويزداد هذا الإحساس إذا رأينا حيوانا.
ولكننا نتدرج في استجمال الحيوان، فليس منا من يقول: إن صورة الإسفنج جميلة تساوي الجمال الذي نحس به عندما نرى صورة سمكة، وصورة السمكة دون صورة الفرس أو الطاووس.
وخلاصة القول أن الحياة أجمل من الجماد، والحيوان أجمل من النبات، وأرقى الحيوان وهو الإنسان أجملها أيضا، فنحن نصنع التماثيل للإنسان حبا في جماله، وقلما نصنع تمثالا لحيوان إلا إذا كان من أرقى اللبونات التي ننتمي إليها مثل الفرس أو الكلب أو الأسد.
وقد يعترض علينا بأننا أحيانا نحب الجماد ونستجمله، كما يحدث لنا عندما نرى السحاب وقت الشفق أو عندما نصنع ثعبانا من البلور أو عندما نتزين بفصوص اللؤلؤ والماس والياقوت، وهذا صحيح، ولكن لو أن هذه الأشياء كانت حية لزاد استجمالنا لها، وهل يمكنك أن تتصور الشفق حيوانا به روح الحيوان وفيه سر الحياة، أو هل يمكنك أن تكسب هذا الثعبان من البلور أو فصوص الجواهر بالحياة دون أن تقول: إنه ليس في العالم أجمل منها؟ فهذه الأشياء جميلة وهي جامدة، ولكنها كانت أجمل جدا لو كانت حية.
ولكن ما الذي يجعلنا نقول: إن هذا الشيء جميل وذاك الآخر غير جميل؟
إن هذا الذي يجعلنا نقدر الجمال ونتوخاه ونحبه هو شيء آخر غير هذا العقل الذي يوازن ويقابل ويبرهن ويعرف الأسباب والنتائج، فنحن نفهم الجمال بشيء آخر نسميه «البصيرة»، وهذه البصيرة هي نفسها تلك التي نفهم بها الدين، وهي التي تحملنا أحيانا كثيرة على التصوف، وهي تلك التي تحملنا على الحب، والرغبة في الخير والشجاعة، والأريحية والتضحية، فالعقل وحده لا يعرف سوى الفائدة المادية المحسوسة، ولكن البصيرة تناقض العقل أحيانا وتطالبنا بأن نضحي بذواتنا، بينما العقل يدعونا إلى الفرار والنجاة.
ولنضرب مثلا بالموسيقى، فنحن لا نفهم الأنغام والألحان بعقولنا، وإنما ندركها ببصيرتنا، والأغلب أن هذه البصيرة أقدم في النفس البشرية من العقل، بدليل أننا نجد من الحيوان ما يلذ له سماع الموسيقى، وهذه الموسيقى تحدث في نفوسنا من الطرب ما لا نستطيع أن نقول إنه معقول، ولو أننا اجتمعنا عشرة أو عشرين نفسا نسمع أحد الألحان، فرأينا بعضا منا يستطيره الطرب أكثر من الآخرين، لما قلنا إن هذا البعض أذكى من الآخرين، وإنما نقول: إنه أبصر بالموسيقى، والذكاء من صفات العقل، ولكن الطرب من صفات البصيرة، فالشهيد يتقدم للنار وهو في طرب الاستشهاد، والمحب يعانق حبيبته وهو في طرب الحب، كما أن الوطني يتقدم للدفاع عن وطنه وهو في طرب الشجاعة الوطنية، ونحن نقف أمام الصورة الجميلة ونحن في طرب كأنه السحر والبصيرة ألصق بالحياة وأعرف بغاياتها من العقل، ولذلك فنحن نجزم بأن الشجاعة والحب وتوخي الجمال غايات ملهمة ترسمها لنا البصيرة، ولكن العقل يخدمها بالعلم، كرجل الفن يتوخى الجمال ولكنه يتوسل إليه بالصنعة، فالعقل يصنع الآلة الموسيقية، ولكن اللحن من شأن البصيرة، والعقل يدبر الألوان والأصباغ ويدرس كيمياءهما للصورة، ولكن البصيرة تكشف لنا سر الجمال فيها.
فالفن للبصيرة والإلهام، والصنعة للعقل والعلم، وكلاهما ضروري للاتقان.
والفنون الجميلة هي الصلة بين الإنسان والطبيعة، ففي الطبيعة إيقاع نرى مثله في الموسيقى والشعر والرقص، وصور الطبيعة وأشباحها من حيوان ونبات وجماد نرى مثلها في فني النحت والرسم.
ولكن رجل الفن لا يقتصر على محاكاة الطبيعة، بل هو يتجاوز حقيقتها إلى خياله ويتسامى بها إلى أرفع ما تلهمه إليه بصيرته، وليس شك في أن الفنون قامت في الأصل على المحاكاة، وكانت تقنع بذلك، كما أن الطفل إذا أراد أن يرسم أو يصنع تمثالا من الطين لا يتجاوز الحقيقة.
Неизвестная страница