وحيدا وما قولي كذا ومعي الصبر
بل أين منه قول شاعرنا البارودي:
إذا استل منا سيد غرب سيفه
تفزعت الأفلاك والتفت الدهر
فإن الخيل التي من فوارسها الدهر، والسيوف التي تتفزع الأفلاك إذا ما استلت، ليست بشيء إلا خيال الشاعر العبقري مصوغا في الكلام، ولكن القوم الذين سادوا الدهر، ومشوا فوق رءوس الحقب هم قوم من المستطاع أن تظهر كيف سادوا الدنيا، وبقية العالم في ظلام، وكيف مشوا فوق رءوس الحقب؛ إذ كانوا حتى في زمان المدنية العربية سادة الفكر الإنساني، وهم بعد مغزوة أرضهم، منكسة أعلامهم. •••
الظاهر من شعر مهيار، ومن كثير من حالات حياته أن إسلامه كان صادقا، وأنه أخلص لدينه المنتحل إخلاص أهله لدينهم الوثني القديم، فلست ترى في كل شعره موضعا واحدا يدل على حنينه إلى دين آبائه الأولين، بل ولا خطرة فكر يفيض بها بيت من أبياته بحيث يمكن أن تستدل منه على أن كوامن نفسه قد تحركت ساعة واحدة بحنين لوثنيته الأولى، ذلك دليل على أنه أسلم للإسلام مقتنعا راضي النفس مرتاح الضمير لأن يتبدل الوثنية بالإسلام، على الضد من كثير ممن أسلموا إسلاما ظاهرا كابن المقفع مثلا، فإن الروايات عن إسلامه كثيرة والقصص من حوله متشاكلة وجوهه، فقد روي أنه مر يوما ببيت نار من بيوت الزرادشتيين فتمثل بقول الأحوص:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل
حذر العدى وبه الفؤاد موكل
إني لأمنحك الصدود وإنني
قسما إليك مع الصدود لأميل
Неизвестная страница