История философов ислама: обширное исследование их жизни и работ с аналитическим обзором их философских взглядов
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Жанры
ولكن مقام الخزي للنفس أقتل
وآثرت درء الحد عنهم بشبهة
لظاهر إسلام وحكمك أعدل
وهذا ما أردنا الاستشهاد به من شعر ابن جبير في الموضوع وله غير ذلك ضربنا عنه صفحا. (22) كلمة عن ابن جبير
أبو الحسن محمد بن محمد بن جبير الأندلسي البلنسي، كان من أهل المنزلة العالية في الغرب بالعلم والأدب والشعر، رحل في أواخر القرن السادس للهجرة ثلاث رحلات، وزار مصر والشام والحجاز والعراق وصقلية، وأقام في الإسكندرية يحدث إلى أن توفي في أواخر القرن السادس، وطبعت رحلته في ليدن مرتين، وترجمت إلى الفرنسية والإيطالية، وأخباره في الإحاطة بأخبار غرناطة ص168 ج2.
وكان من أبلغ شعراء الأندلس وأنصعهم ديباجة، وأصدق شعراء العرب قصدا وأسلمهم قلبا، وأقواهم إيمانا وأصحهم عقيدة، ويشهد الشعراء الأقدمون والمحدثون بفضله، وأصدق دليل على حجة شهادتهم قصيدته التي يصف بها الأماكن المقدسة التي قصدها لأداء فريضة الحج. وكان ابن جبير من معاصري ابن رشد، ولا نظن أن الذي دعاه إلى هجاء ابن رشد رغبة في تمليق أمير كبير ومجرد الافتخار بمظهر المدافعة عن الدين، وإنما الذي دعاه إلى الوقوع في هذا الخطأ شدة إيمانه وصحة عقيدته، ولا يستطيع مؤرخ معتدل أن يلوم ابن جبير على أنه لم يفهم فلسفة ابن رشد؛ لأن طريق الشعر والدين غير طريق العلم والحكمة، ولا نملك إلا الأسف على تلك الهفوة من أديب جليل يعد من أئمة الشعر العربي وكبار المؤلفين والسائحين. (23) أقسى ما أصاب ابن رشد في أثناء نكبته
يظهر أن أقسى ما أصيب به ابن رشد في إبان محنته تألب العامة عليه وعلى ولده وتصديهم إلى سبهما والاعتداء عليهما. والعامة في كل زمان ومكان خصم ثالث يدخل بين الملوك ورجال الدين والفلاسفة الذين يتنازعون القوة فيما بينهم، والعامة أنفسهم هم الذين يسعى المتنازعون للسيادة عليهم فالملوك ورجال الدين يتطلبون القوة الدنيوية التي لا تقوم إلا على الجمهور، والحكماء يتطلبون القوة العقلية التي تقوم على تنويرهم.
أخبر أبو الحسن بن قطرال عن ابن رشد أنه قال: «أعظم ما طرأ علي في النكبة أني دخلت أنا وولدي عبد الله مسجدا بقرطبة، وقد حانت صلاة العصر فثار لنا بعض سفلة العامة فأخرجونا منه.» (24) المنشور
لم يكتف المنصور أو محرضوه بما لحق ابن رشد وأصحابه من اللوم والتأنيب في مجلس المحاكمة، وما تلاهما من عقوبة النفي التي وقعت بغير دفاع، فشاءت الأحقاد أن يذاع أمر التشهير بابن رشد في سائر البقاع، فأمر المنصور كاتبه أبا عبد الله ابن عياش أن يكتب منشورا إلى مراكش وغيرها بما حدث لابن رشد في هذه القضية، وكاتب المنشور هو كاتم سر الخليفة وكاتب يده واسمه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عياش، من أهل برشانة (لعلها برسلونه) من أعمال المرية في بلاد الأندلس، ولم يزل هذا الرجل كاتبا للمنصور ولابنه محمد ولابن ابنه يوسف، وقد عمر طويلا وتوفي في شهور سنة 619، وانفرد أبو عبد الله المذكور بالمهارة وحسن السبك، ولم يكتب لخلفاء بني تومرت منذ قام أمرهم من عرف طريقتهم وصب في قالبهم وجرى على مهيعهم وأصاب ما في أنفسهم كأبي عبد الله المذكور؛ لأنه كانت لهم طريقة تخالف طريقة الكتاب. ويظهر أنه كان يلبس لكل حال لبوسها ويجاري كل أمير في ميوله ومقاصده، وإلا ما تمكن من الانفراد بثقتهم وخدمة ثلاثة أو أربعة من خلفائهم، فكان عبد الله هذا كبعض رجال الحاشية في بعض بلاد الشرق يصلحون لكل عهد ويخدمون كل جالس على العرش ويثبتون في مراكزهم، مهما تغلبت الحوادث وتحولت الأحوال وتغيرت المبادئ والأطوار، فهم هم الخدم المخلصون والصحابة المقربون والله أعلم بما يظهرون وبما يبطنون.
نص المنشور
Неизвестная страница