История государства Сельджуков
تاريخ دولة آل سلجوق
Жанры
ثم أنفذ السلطان في سنة 477 ه أرلق بن أكسب صاحب حلوان مع التركمان إلى فخر الدولة مددا، وتوفي وتقوى بهم عددا وعددا. وكان ابن مروان صاحب ديار بكر، قد استنجد شرف الدولة مسلم بن قريش، وأعطاه يده على أن يعطيه آمد إذا أمده وأيده. وقصد بن جهير الصلح وقال: «أكره أن يحل بالعرب مكروه وأنا سببه» وعلم التركمان ما رآه، فخالفوا هواه. وركبوا ليلا، وأحاطوا بالعرب فهربوا، ورهبوا وطلبوا في كل واد وناد وسلبوا ولم يحضر تلك الوقعة بن جهير ولا أرتق، وإنما اصطلى نارها الأمير جبق، وحقن دماء العرب واستولى على جميع جمالهم، وعامت أيدي العامة في أموالهم. وألجئ شرف الدولة مسلم إلى فصيل آمد، فعزت الحيلة، وأعوزت الوسيلة. ووصى فخر الدولة بن جهير الأمير أرتق بأن يأخذ عليه الطريق، وقال: إذا حصل شرف الدولة في اليد فتحنا للسلطان البلاد، وحوينا الطراف والتلاد. فبذل شرف الدولة للأمير أرتق مالا ليفرج عنه فمال إلى المال، وأظهر الغضب عن تحكم فخر الدولة، ونفس عن خناق مسلم فسار إلى الرقة، وذلك في حادي عشر شهر ربيع الأول، وقصد فخر الدولة ميافارقين ومعه الأمراء الأكابر سيف الدولة صدقة بن بهاء الدولة، وآياز، وترشك، وخمارتاش، في عسكر كهرائين. ولما قصد خلاط، رجع هؤلاء عنه إلى العراق.
وفي سنة 479 ه خرجت ديار بكر عن نظره، وسلمها السلطان إلى العميد أبي علي البلخي. فأما شرف الدولة فإنه لما وصل إلى الرقة، أحمد عاقبة المشقة، وعد ما بذله لأرتق من الحقوق المستحقة، فأنجز الوعد، وأرسل المال، وصدق المقال. ولم يشك السلطان لما نمي إليه الخبر، أن شرف الدولة قد قبض، وأن مبرم أمره قد نقض. فخلع على عميد الدولة بن جهير وأنفذه إلى ولايته، وكانت التركمان بطاعته. وأنفذ معه الأمير آق سنقر قبل أن يصير صاحب حلب وسار في صحبته. واتصل به الأمير أرتق وصار في جملته. ووصل إلى الموصل فأطاعه أهلها، وتسهل له وعرها وسهلها. وتوجه السلطان إلى بلاد مسلم بن قريش في أقوى جأش وأقوى جيش. فلما علم سلامته ونجاته، وأنه بالمكر قد فاته، أرسل إليه مؤيد الملك بن نظام الملك ووثقه بالأيمان وآمنه بالمواثيق، وقدم به السلطان وهو بالبوازيج. فأحلى له جنا الجناب المريع وأسامه في مراد المراد البهيج. وكانت أحواله قد ذهبت، وأمواله قد نهبت. واستقرض ما خدم به وقدم خيله وفيها بشار، وكان فرسا سابقا مذكورا، وهو الذي نجا به يوم آمد، وسبق ووثب الخندق، وراهن السلطان شرف الدولة على مسابقته. فأجراه مع الخيل في حلبته، فجاء سابقا ولما طلع صبح غرته من ظلام قتامه، قام السلطان للإعجاب به وأظهر أنه لإكرامه. وفي صفر سنة 478 ه تجرع شرف الدولة كأس الحمام. فإنه فتك به خادم له في الحمام.
قال: وكان المظفر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء، قد رتب في ديوان الخليفة بعد خروج ابن جهير، واستقل بكل ترتيب وتدبير، إلى أن وزر أبو شجاع محمد ابن الحسين في سنة 479 ه لأمير المؤمنين، وخلع عليه خلعة الوزارة، ولقبه ظهير الدين مؤيد الدولة سيد الوزراء صفي أمير المؤمنين. وخرج في حقه توقيع من إنشاء أبي سعد بن الموصلايا، ووصل عماد الدولة سرهنك ساوتكين إلى واسط ومنها إلى النيل في شهر رمضان، وزار المشهدين الشريفين، وأطلق بهما للأشراف مالا جزيلا، وأسقط خفارة الحاج، وحفر العلقمي وكان خرابا من دهر.
Страница 232