هو أبو محرز البصري المعروف بالأحمر، مولى أبي بردة بلال بن موسى الأشعري، أعتق بلال أبويه وكانا فرغانيين. قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: خلف الأحمر معلم الأصمعي، ومعلم أهل البصرة. وقال الأخفش: لم أدرك أحدا أعلم بالشعر من خلف الأحمر والأصمعي. وقال ابن سلام: أجمع أصحابنا أن الأحمر كان أفرس الناس ببيت شعر وأصدق لسانا، وكنا لا نبالي إذا أخذنا عنه خبرا أو أنشدنا شعرا ألا نسمعه من صاحبه. وقال شمر: خلف الأحمر أول من أحدث السماع بالبصرة، وذلك أنه جاء إلى حماد الراوية فسمع منه، وكان ضنينا بأدبه. وقال أبو الطيب اللغوي: كان خلف يضع الشعر وينسبه إلى العرب فلا يعرف، ثم نسك، وكان يختم القرآن كل ليلة، وبذل له بعض الملوك مالا عظيما على أن يتكلم ببيت شعر فأبى. وله ديوان شعر حمله عنه أبو نؤاس وكتاب جبال العرب. توفي في حدود الثمانين ومائة. وكان بين خلف وبين أبي محمد اليزيدي مهاجاة أورد ياقوت طائفة منها. (20) عبد القاهر الجرجاني
قال الحافظ الذهبي في تأريخه «دول الإسلام»: «وفي سنة إحدى وسبعين وأربعمائة مات إمام النحاة أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني صاحب التصانيف.» وقال تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: «عبد القاهر بن عبد الرحمن الشيخ الكبير أبو بكر الجرجاني النحوي، المتكلم على مذهب الأشعري، الفقيه على مذهب الشافعي، أخذ النحو بجرجان عن أبي الحسين محمد بن الحسن الفارسي ابن أخت الشيخ أبي على الفارسي، ومن مصنفاته: كتاب المغني على شرح الإيضاح في نحو ثلاثين مجلدا، وكتاب المقصد في شرح الإيضاح أيضا، وكتاب العوامل المائة، والمفتاح، وشرح الفاتحة، والعمدة في التصريف.»
وهكذا ترى أن عبد القاهر كان عالما مبرزا في غير فرع من فروع الثقافة العربية، فهو النحوي، المتكلم، المفسر، الفقيه. ومع أن ابن خلدون زعم أن السكاكي هو الذي هذب علم البلاغة ولم ما قاله عنه السلف، فإن العلوي صاحب «الطراز في علوم حقائق الإعجاز» قال: «وأول من أسس من هذا الفن قواعده، وأوضح براهينه، وأظهر فوائده، ورتب أفانينه الشيخ العالم النحرير عبد القاهر الجرجاني. وله من المصنفات فيه كتابان؛ أحدهما لقبه بدلائل الإعجاز، والآخر لقبه بأسرار البلاغة.» (21) قدامة بن جعفر
هو أبو الفرج قدامة بن جعفر، نشأ في بغداد، وعلا شأنه في أيام المكتفي بالله الخليفة العباسي، فقد أسلم على يديه وكان قبل ذلك نصرانيا، برع في صناعتي البلاغة والحساب، وقرأ صدرا صالحا من المنطق، وهو لائح على ديباجة تصانيفه، وإن كان المنطق في ذلك العصر لم يتحرر تحريره الآن. واشتهر في زمانه بالبلاغة ونقد الشعر وصنف في ذلك كتبا، منها كتاب نقد الشعر له وقد تعرض ابن بشر الآمدي إلى الرد عليه، وله كتاب في الخراج رتبه مراتب وأتى فيه بكل ما يحتاج الكاتب إليه. وله من الكتب غير هذين الكتابين كتاب درياق الفكر، وكتاب السياسة، وكتاب الرد على ابن المعتز فيما عاب به أبا تمام، وكتاب صناعة الجدل، وكتاب الرسالة في أبي علي بن مقلة، وكتاب نزهة القلوب، وزاد المسافر، وله غير هذا. وكانت وفاته ببغداد أيام المطيع سنة 337ه.
Неизвестная страница