هو أبو علي إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سليمان، وجده سليمان هذا مولى لعبد الملك بن مروان. ولد القالي بمنازجرد من ديار بكر ونشأ بها، ورحل إلى العراق لطلب العلم. والقالي نسبة إلى قالي قلا بلد من أعمال أرمينية، قال القالي عن نفسه: «لما انحدرنا إلى بغداد كنا في رفقة كان فيها أهل قالي قلا، وهي قرية من قرى منازجرد، وكانوا يكرمون لمكانهم من الثغر، فلما دخلنا بغداد نسبت إليهم لكوني معهم وثبت ذلك علي.»
ودخل القالي بغداد سنة 303ه. وسمع الحديث على جملة من العلماء، منهم: عبد الله بن محمد البغوي وأبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا العدوي وأبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني، وقرأ النحو والعربية على ابن درستويه والزجاج والأخفش الصغير ونفطويه وابن دريد وابن السراج وابن الأنباري وغيرهم.
ونبغ أبو علي في علوم اللغة وذاعت شهرته، فاستدعاه عبد الرحمن الناصر خليفة الأندلس ووصل أبو علي إلى هناك فاستقبل استقبالا عظيما، وكان ولي العهد «الحكم» ووزراء الخليفة من المستقبلين، وأكرم الناصر وفادة أبي علي وخصه بتعليم ابنه «الحكم»، وسمع علماء الأندلس بسعة اطلاع أبي علي وطول باعه في اللغة وفنونها، فأقبلوا عليه يستفيدون من محاضراته في اللغة والأدب، وكان يمليها من حفظه في أيام الأخمسة بقرطبة وفي المسجد الجامع بالزهراء المباركة. ويقول ياقوت في معجمه: «وممن روى عن القالي أبو بكر محمد بن الحسين الزبيدي النحوي صاحب كتاب مختصر العين، وأخبار النحويين، وكان حينئذ إماما في الأدب ولكن عرف فضل أبي علي فمال إليه واختص به واستفاد منه وأقر له.»
ويقول الضبي في كتابه بغية الملتمس: «كان أحفظ أهل زمانه للغة، وأرواهم للشعر، وأعلمهم بعلل النحو على مذهب البصريين وأكثرهم تدقيقا في ذلك.»
وانقطع أبو علي بقية عمره بالأندلس، وأملاه كتبه التي منها: كتاب الأمالي، وكتاب الإبل، وكتاب حلي الإنسان، والخيل وشياتها، وكتاب مقاتل الفرسان، وكتاب تفسير السبع الطوال.
وتوفي أبو علي بقرطبة سنة 356ه، ويروي بعضهم أنه كان مكتوبا على قبة قبره:
صلوا لحد قبري بالطريق وودعوا
فليس لمن وارى التراب حبيب
ولا تدفنوني بالعراء فربما
بكى إن رأى قبر الغريب غريب (14) أبو القاسم «ابن القطاع»
Неизвестная страница