169

============================================================

ذكر موسى عليه الشلام النار لعلكم تصطلرب [القصص: الآية 29]، وقال في موضع آخر: لعلى انيكر منها يقبي أو أجد على النار هدى} [طله: الآية 10] أي أجد عندها قوما أسألهم عن الطريق فقد ضللنا أو آتيكم بشعلة منها لتصطلوا فقد أضركم البرد وذلك أنه كان في ليلة شاتية ذات ندي وريح ويقال إن امرأته أضر بها الطلق لتلد ولم يكن عندها من يقبلها ويعينها على حالها فلذلك اشتذ ضجر موسى ثم إنه ترك أهله وانطلق تحو النار حتى أتاها فإذا هو بنار عظيمة ساطعة إلى السماء مشتعلة في فروع شجرة خضراء يقال لها العليق فلا تزداد النار كل ساعة إلا سطوغا ولا تلك الشجرة في النار إلا خضرة فلا خضرتها تطفىء النار ولا اشتعال النار يحرقها ولا يفسد خضرتها فوقف موسى صلوات الله عليه ينظر إليها متعجبا لا يدري على آي شيء يحمل آمرها وجعل يرجو آن يسقط منها جذوة يقتبس منها فلما طال ذلك عليه وخاف الضيقة على أهله أخذ ضغثا من دقاق الحطب فأهوى به إلى النار مقتبسا فما زالت النار تبتدر إليه كأنها تريده فتأخر عنها ثم عاد فلم تزل تطمعه وهو مطمع فيها كلما أراد الاقتباس منها أهوت إليه كأنها تريده فيتأخر عنها فلا يشتعل الشيء الذي يدنيه منها فقال في نفسه: وهذا أعجب شيء نارا مشتعلة في شجرة رطبة غصنها أحضر، ثم لا يمكن الاقتباس منها بالحطب اليابس فبينما هو يتعجب من آمرها إذ سمع صوتا لم يسمع مثله قط يقول له: يا موسى فنظر يمينا وشمالا وقال لبيك لبيك استثناسا منه بالصوت ولم ير شيئا ثم نودي الثانية فقال: لبيك لبيك ونظر يمينا وشمالا فلم ير أحد ثم نودي الثالثة فقال: لبيك لبيك من أنت؟ أسمع كلامك ولا أراك فنودي أنا الذي أكون معك حيث كنت وأنا أقرب إليك من نفسك إقي أنأ رك} [طله : الآية 12](1) فخر موسى ساجذا وقال: إللهي أكلامك هذا الذي أسمع أم كلام رسولك؟ فنودي لا بل الكلام كلامي والنور نوري وأنا رب العالمين ادن متي يا موسى قال: فجمع يده على العصا وتحامل عليها حتى ولم يكد وارتعدت فرائصه وانكسرت رجلاه وطار عقله وصار مثل الميت إلا أن الروح لم تزايله فبعث الله تعالى إليه ملكا كأحسن شيء رآه فشد عضده وقوى رجله حتى آتي به إلى الشجرة فلما دنا منه نودي فأخلع تعليك إنك بألواد المقدس طوى} [طه: الآية 12](2). قال ابن عباس وذلك إنما كانتا من جلد حمار ميت وإن موسى كان خائفا فمر بحمار ميت فأخذ من جلده ما انتعل به في رجليه للحجائر والشوك فلذلك أمر بخلعها ويقال أراد الله تعالى أن يصل إليه بركة ذلك الوادي المبارك ويقال: لا، إن (1) وجاء في الأصل (واني أنا الله رب العالمين) والصواب إني أنا رئك فاخلع نعليك إنلك الواد الشقدس لوى.

(2) وجاء بالأصل (اخلع) والصواب ما ثبتناه.

Страница 169