История арабской литературной языка
تاريخ آداب اللغة العربية
Жанры
وقال عبد العزيز بن أبي الأصبع: «الذي وقع لي أن فنون الشعر ثمانية عشر فنا: غزل، ووصف، وفخر، ومدح، وهجاء، وعتاب، واعتذار، وأدب، وزهد، وخمريات، ومراث، وبشارة، وتهان، ووعيد، وتحذير، وتحريض، وملح، وباب مفرد للسؤال والجواب.» (3) وجه تعلم الشعر
إذا أردت أن تقول الشعر فتخير أولا من أشعار الشعراء النوابغ الشعر الرصين ذا الخيالات والأساليب، واحفظ كثيرا منه، وتفهم معانيه، فبهذا تتكيف نفسك وتشحذ قريحتك وتتهيأ للنظم، فأقبل عليه وأكثر منه تزكو فيك ملكته. قال الخوارزمي: «من روى حوليات زهير واعتذارات النابغة وحماسيات عنترة وأهاجي الحطيئة وهاشميات الكميت ونقائض جرير وخمريات أبي نواس ومراثي أبي تمام ومدائح البحتري وروضيات الصنوبري ولطائف كشاجم ولم يخرج إلى الشعر فلا أشب الله قرنه!» وإذا خلوت في مكان يروق فيه نظر المياه وتزكو نفحة الأزهار ويطيب استنشاق الهواء ويستلذ المسموع أجممت فؤادك ونشطت القريحة إلى الشعر. قالت الحكماء: لم يستدع شارد الشعر بأحسن من الماء الجاري والمكان الخالي والشرف العالي. ولقي أبو العتاهية الحسن بن هانئ، فقال له: أنت الذي لا تقول الشعر حتى تؤتى بالرياحين والزهور فتوضع بين يديك؟ قال : وكيف ينبغي للشعر أن يقال إلا على هكذا؟! قال: أما إني أقوله على الكنيف. قال: ولذلك توجد فيه الرائحة، ولا بد أن يكون فيك ما يبعث عليه. قال ابن رشيق: ومن بواعثه العشق والانتشاء. قيل لكثير عزة لم تركت الشعر؟ قال: ذهب الشباب فما أعجب، وماتت عزة فما أطرب، ومات عبد العزيز فما أرغب - يريد عبد العزيز بن مروان. وتخير لعلم شعرك باكورة نهارك عندما تهب من النوم، قال الفرزدق: من أسلس ما يكون الشعر في أول الليل قبل الكرى، وأول النهار قبل الغداء وعند مناجاة النفس واجتماع الفكر، فإذا استعصى عليك بعد هذا كله فراوضه في وقت آخر. قال ابن خلدون: فإن القريحة مثل الضرع يدر بالامتراء ويجف بالترك والإهمال. قيل لكثير عزة: يا أبا صخر، كيف تصنع إذا عسر عليك الشعر؟ قال: أطوف في الرباع المحبلة، والرياض المعشبة، فإن نفرت عنك القوافي وأعيت عليك المعاني فروح قلبك وأجم ذهنك وارتصد لقولك فراغ بالك، فإنك تجد في تلك الساعة ما يمتنع عليك يومك الأطول وليلك الأجمع. وضع قوافي قصيدتك أولا وابن عليها الأبيات لئلا تجيء القوافي نافرة عن محالها، وإذا جادت قريحتك ببيت لا يناسب سابقه فاتركه إلى موضعه الأليق به. وليكن شعرك فصيحا بليغا يمضي مع النفس، تسابق معانيه ألفاظه إلى الفهم، ذا تأثير في الطباع؛ ففي الحماس يكون مهيجا للقوى مثيرا للخواطر باعثا على الحمية، وفي العتاب يكون هاديا للموافقة مولدا للرضا ... إلى غير ذلك. وراجع شعرك بعد الفراغ منه ونقحه، فقد روي أن زهير بن أبي سلمى كان ينظم القصيدة في شهر وينقحها في سنة؛ ولذا كانت قصائده تسمى بالحوليات.
روي عن البحتري أنه قال: «كنت في حداثتي أروم الشعر، وكنت أرجع فيه إلى طبعي، ولم أكن أقف على تسهيل مأخذه ووجوه اقتضابه حتى قصدت أبا تمام وانقطعت فيه إليه، واتكلت في تعريفه عليه، فكان أول ما قال: يا أبا عبادة، تخير الأوقات وأنت قليل الهموم ، صفر من الغموم، واعلم أن العادة جرت في الأوقات أن يقصد الإنسان لتأليف شيء أو حفظه في وقت السحر؛ وذلك أن النفس تكون قد أخذت حظها من الراحة، وقسطها من النوم. وإن أردت التشبيب فاجعل اللفظ رقيقا والمعنى رشيقا، وأكثر فيه من بيان الصبابة وتوجع الكآبة، وقلق الأشواق ولوعة الفراق، فإذا أخذت في مديح سيد ذي أياد فأشهر مناقبه وأظهر مناسبه، وأبن معالمه وشرف مقامه، ونضد المعاني واحذر المجهول منها. وإياك أن تشين شعرك بالألفاظ الرديئة، وكن كأنك خياط يقطع الثياب على مقادير الأجساد، وإذا عارضك الضجر فأرح نفسك، ولا تعمل شعرك إلا وأنت فارغ القلب، واجعل شهوتك لقول الشعر الذريعة إلى حسن نظمه؛ فإن الشهوة نعم المعين. وجملة الحال أن تعتبر شعرك بما سلف من شعر الماضين، فما استحسن العلماء فاقصده، وما تركوه فاجتنبه ترشد إن شاء الله. قال: فأعملت نفسي فيما قال فوقفت على السياسة.»
الفصل الثاني
في تاريخ الشعر
الشعر قالته العرب من قديم من عهد عاد وثمود والعمالقة كما يدل على ذلك رواية بعض أخبارهم، إلا أنه لما كانت أحوال الأمم في هذه الأعصر الغابرة مدرجة تحت طي الخفاء لم تصل إلينا أشعار شعرائهم، ولا أخبارهم مفصلة حتى نتعرف منها سير الشعر وترقيه، ولم يزل الأمر مستورا إلى أن جاء عصر آل المنذر ملوك الحيرة قبل الإسلام بنحو مائة سنة فأكثر، فبرح الخفاء وأخذ الشعر في الظهور والنماء. وأولع العرب به حتى صار ديدنا لهم وسجية فيهم ومبلغ علمهم وحكمتهم وأدبهم، يقولونه رجالا ونساء في فنون مختلفة، كالحماسة والفخر والنسيب والحكم والآداب والأخلاق والمدح والهجاء والرثاء والاعتذار والوعيد والعقاب والشكوى وذكر المنازل والطلول، ووصف الظباء والغزلان وتاريخ الوقائع وأيام الحروب وغير ذلك؛ ولذا قيل: «الشعر ديوان العرب.» قال الخطيب التبريزي: «به يحفظون المكارم والمناسب، ويقيدون به الأيام والمناقب، ويخلدون به معالم الثناء، ويبقون به مواسم الهجاء، ويضمنونه ذكر وقائعهم في أعدائهم، ويستودعونه حفظ صنائعهم إلى أوليائهم.» ا.ه.
وكان للعرب أسواق يقيمونها يعرضون فيها أشعارهم إما ارتجالا وإما استحضارا، روي أن النابغة الذبياني كانت تضرب له قبة حمراء في سوق عكاظ، فيجلس لشعراء العرب على كرسي، وتأتيه الشعراء فتنشده أشعارها فيفضل من يرى تفضيله، فأنشده في بعض المواسم الأعشى، ثم حسان بن ثابت، ثم الخنساء فأعجبه شعرها، فقال لها: «اذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين، ولولا أن أبا بصير (يريد الأعشى) أنشدني قبلك لفضلتك على شعراء هذا الموسم، فإنك أشعر الإنس والجن.» فلما أن سمع حسان ذلك غضب، وقال: أنا أشعر منك ومنها. فقال له: يا ابن أخي، ليس الأمر كما ظننت. ثم التفت إلى الخنساء وقال: خاطبيه يا خناس. فالتفتت إليه الخنساء وقالت: ما أجود بيت في قصيدتك هذه التي عرضتها آنفا؟ قال: قولي فيها:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
قالت: ضعفت افتخارك وأنزرته في ثمانية مواضع في بيتك هذا. قال: وكيف؟ قالت: قلت: «لنا الجفنات»، والجفنات ما دون العشر، ولو قلت: الجفان لكان أكثر. وقلت: «الغر»، والغرة بياض في الجبهة، ولو قلت: البيض لكان أكثر اتساعا. وقلت: «يلمعن»، واللمعان شيء يأتي بعد شيء، ولو قلت: يشرقن لكان أكثر؛ لأن الإشراق أدوم من اللمعان. وقلت: «بالضحى»، ولو قلت: بالدجى لكان أكثر طراقا. وقلت: «أسياف»، والأسياف ما دون العشرة، ولو قلت: سيوف لكان أكثر. وقلت: «يقطرن»، ولو قلت: يسلن لكان أكثر. وقلت: «دما»، والدماء أكثر من الدم. فسكت حسان ولم يحر جوابا. (1) المعلقات السبع
Неизвестная страница